فلذلك لم تقل : تَزيدٍ ولا تالبَيْتِ ، كما لم تقل : آل الإسكافك ولا آل الخيَّاط ، فإن قلت : فقد قال بِشرٌ :
لَعَمْرُكَ ما يَطْلُبنَ مِن آلِ نِعْمَةٍ |
|
ولكِنما يَطْلُبنَ قَيْسا ويَشْكُرَا (١) |
فقد أضافه إلى نِعمة ، وهى نكرة غير مخصوصة ، ولا مُشرَّفة فإن هذا بيت شاذ ، هذا كله قول ابنِ جِنى ، قال : والذى العمل عليه ما قدمناه ، وهو رأى الأخفش ، فإن قلتَ : ألست تزعم أن الواو فى واللهِ بدلٌ من الباء فى باللهِ ، وأنت لو أضمرت لم تقل : « وهِ » كما تقول : « به لأفعلنَّ » فقد تجد أيضاً بعض البدل لا يقع موقع المبدل منه فى كل موضع ، فما تنكر أيضاً أن تكون الألف فى آلٍ بدلاً من الهاء وإن كان لا يَقَعُ جميعَ مواقعِ أهلٍ ، فالجواب أن الفرق بينهما أن الواو لم تمتنع من وقوعها فى جميع مواقع الباء من حيث امتنع وقوع آل فى جميع مواقع أهل ، وذلك أن الإضمار يردُّ الأسماءَ إلى أصولها فى كثير من المواضع ؛ ألا ترى أن من قال : أعطيتكم درهماً ، فحذف الواو التى كانت بعد الميم وأسكن الميم ، فإنه إذا أضمر الدِّرهمَ قال : أعطيتكُموه ، فردَّ الواو لأجل اتصال الكلمة بالمضمر ، فأما ما حكاه يونس من قول بعضهم : أعطيتكُمْه فشاذٌّ لا يقاس عليه عند عامة أصحابنا ، فلذلك جاز أن يقول : بهم لأقعدنَّ ، وبك لأنطلقنَّ ، ولم يجز أن يقول : « وك » ولا « وه » ، بل كان هذا فى الواو أحرى ، لأنها حرف منفرد ، فضعف عن القُوَّة ، وعن تصرف الباء التى هى أصل ، أنشدنا أبو علىٍّ قال : أنشد أبو زيد :
رأى بَرْقاً فأوضَعَ فَوْقَ بَكْرٍ |
|
فَلا بِكَ ما أسالَ ولا أغامَا (٢) |
وأنشدنا أيضاً عنه :
ألا نادَتْ أُمامَةُ باحْتِمال |
|
لِتَحْزُنَنِى فَلا بِكَ ما أُبالى (٣) |
وأنت ممتنِعٌ من استعمال آلٍ فى غير الأشهر الأخصِّ ، وسواء فى ذلك أضفته إلى مُظهَرٍ أو أضفته إلى مُضمَرٍ. فإن قيل : ألست تَزعم أن التاء فى تَوْلَجَ بدلٌ من واوٍ ، وأن أصلَه وَوْلَج ، لأنه فَوْعَل من الوُلُوج ، ثم إنك مع ذلك قد تَجدهم أبدَلوا الدال من هذه التاء ، فقالوا : دَوْلَج ، وأنت مع ذلك تقول : دَوْلَجَ فى جميع المواضع التى تقول فيها : تَوْلَجَ ، وإن كانت الدال مع ذلك بدلاً من التاء التى هى بدل من الواو. فالجواب عن ذلك أن هذه مغالطة من السائل ، وذلك أنه إنما كان يَطَّرِد هذا له لو كانوا يَقولون : وَوْلَج ودَوْلَج ،
__________________
(١) البيت لبشر بن أبى خازم فى ديوانه ص ٩٨ ؛ ولسان العرب (أهل).
(٢) البيت لعمرو بن يربوع فى جمهرة اللغة ص ٩٦٣ ؛ وبلا نسبة فى لسان العرب (أهل).
(٣) البيت لغويّة بن سلمى فى لسان العرب (با) ؛ وتاج العروس (الباء) ؛ وبلا نسبة فى لسان العرب (أهل).