وجد علي في فاطمة ما كان يبحث عنه في
نفسه ، ووجدت فاطمة في عليّ ما كانت تنشده في أعماق روحها ، وكان اللقاء على يد
رسول السماء الى الأرض .. إلى المرأة والى الرجل ، ليكون اتحادهما ولادة للإنسان.
وهكذا قدر لأنيس الطفولة أن يكون رفيق
درب. كانت فاطمة سعيدة بعليّ ، ترى في عينيه طيف أبيها .. أبيها الذي تحبّه لأنه
قادم من عند الله.
أحبّت فاطمة عليّاً .. أحبّت فكره
وخياله ، رأت فيه ظلال محمّد ... حيث نشأت تحت تلك الظلال .... أرادت أن تنتقل من
بيت والدها إلى كنف رجل يشبه والدها في كلّ شيء.
جلس عليّ في بيته. استند إلى الجدار
الطيني ، وقد غاصت أصابع قدميه في الرمال الليّن الذي يغطي أرضية الحجرة .. كلّ
شيء في البيت ينتظر فاطمة ... مشجب الثياب .. المخضب .. الرحى .. حتى ذرّات الرمل.
فاحت رائحة « الاذخر »؛ ملأت فضاء الحجرة عطراً ... وعلي ما يزال يترقّب قدوم
فاطمة وقد مضت ثلاثة أسابيع حسبها عليّ قروناً طويلة.
لا بد من خطوة للقاء ، وقفزت في ذهن «
الفتى » صورة « حمزة » ، فنهض من فوره وحثّ الخطى نحو منزل عمّه.