تتر قرق في قلبها
كنبع بارد .. كما لا حظت شيئاً آخر .. مسحة من نور شفّاف تطوف فوق وجهها .. وشيئاً
آخر أيضاً .. انّها لم تعد تشتهي طعاماً سوى الرطب والعنب.
أكملت خديجة ارتداء حلّة الخروج .. فزوجها
ينتظر ، و« عليّ » الفتى الذي يتبع ابن عمه .. يلازمه كظله ، هو الآخر ينتظر.
انطلق الثلاثة .. أخذوا سمتهم نحو
الكعبة مهوى الأفئدة وبيتاً بناه ابراهيم لربّه.
الكعبة تنشر ظلالها الوارفة فوق الأرض
.. والسكينة تغمر المكان ما خلا حوار هادئ لرجال جالسين حول « زمزم » كان أحدهم
يراقب مشهداً بدا له عجيباً .. كان يرنو إلى باب « الصفا ». وقد طلع رجل بين
الأربعين والخمسين من عمره .. أقنى الأنف .. أدعج العينين كأنه قمر يمشي على الأرض
وإلى يمينه فتى يشبه شبلاً وخلفهما امرأة قد سترت محاسنها.
قصد الثلاثة « الحجر الأسود » فاستلموه
ثم طافوا البيت سبع مرّات؛ بعدها وقف الرجل والفتى الى يمينه والمرأة خلفهما.
هتف الرجل الأدعح العينين : الله أكبر
فردّد الفتى وراءه : الله أكبر وكذا المرأة خلفهما .. ركع الرجل الأزهر الوجه ثم
سجد والمرأة والفتى يتابعانه.