( وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ )(١) هذا نهي للنبي عليهالسلام عن التقتير والتبذير وأمرٌ بالاقتصاد ، وقيل : الخطاب له وهو عام لغيره. وقوله تعالى حاكيا : ( يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ )(٢) : أي قالوا : إنه لا يبسط رزقه ونعمته لعباده فأجابهم بقوله : ( بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ )(٣) : أي نعمتاه.
وغَلَ الشيء في الشيءِ : إذا أثبته ، قال : إلى حاجب غل فيه الشُّفُر وغَلّ في الشيءِ : أي دخل ، وغلّه : أي أدخله ، يتعدى ولا يتعدى ، قال بعض العرب في صفة الضأن : ومنها ما يَغُل : أي يدخل قضيبه من غير أن يرفع الألية.
ورجل مغلول : به غلّة : أي حرارة عطش.
وغَلّ في المغنم ، غلولاً : أي خان. وأصله : من غلّه : إذا أدخله ، لأن الخائن يدخل ما أصاب من المغنم في متاعه يستره به ، وفي الحديث (٤) عن النبي عليهالسلام : هدايا العمال غلول » ، قال الله تعالى : ( وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ )(٥) : أي يخون في المغنم. وقيل : أي يكتم ما بعثه الله تعالى به. هذا على قراءة ابن كثير وعاصم وأبي عمرو ، وتُحكى عن ابن عباس ، وهي اختيار أبي عبيد. وقرأ الباقون : « يُغَل » بضم الياء وفتح الغين. قيل : معناه : ما كان لنبي أن يتهمه أصحابه ويخوّنوه. فالأول : تبرئة له من الخيانة والثاني تأديب لأصحابه ألّا يتهموه.
__________________
(١) سورة الإسراء : ١٧ / ٢٩.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٦٤.
(٢) سورة المائدة : ٥ / ٦٤.
(٣) أخرجه البيهقي في سننه ( ١٠ / ١٣٨ ) وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ( ٤ / ١٥١ ) وعزاه لأحمد في مسنده الطبراني في الأوسط والكبير.
(٤) سورة آل عمران : ٣ / ١٦١ ، وانظر في تفسيرها وقراءتها فتح القدير : ( ١ / ٣٩٤ ).