مالكاً ، وقمت واصك وجهه.
وحاصل الجواب : ان معنى الجهة الحالية وان كان مفهوماً من الاولى ، فيكون تأكيداً ، الا انها ذكرت للتنبيه.
وأنت خبير بأن ايلاج كل واحد منهما في صاحبه يتضمن حصول الزيادة والنقصان معاً في كل واحد منهما بحسب اختلاف البقاع ؛ اذ لا يمكن ايلاج الليل في النهار في بقعة إلا حال إيلاج النهار في الليل في بقعة اخرى وبالعكس ، وزيادة النهار يتضمن نقصانه حال زيادته ، وكذلك الليل في بقعتي الشمالية والجنوبية عن خط الاستواء ، فالتنبيه حاصل بدون ذكرها.
وانما ذكرت للتصريح بما علم ضمناً ؛ لانه لما كان أمراً مستغرباً لم يكتف في الدلالة عليه بالتضمنية ، بل دل عليه بالدلالتين التضمنية والتصريحية ايماء لطيفاً الى شأن الامر.
ثم أقول : اختلاف البقاع في العرض الشمالي والجنوبي وانتقال الشمس عن مدار من المدارات اليومية بحركتها الخاصة ، يوجب ان يدخل بعض زمان الليل في زمان النهار وبالعكس في البقاع الشمالية عن خط الاستواء والجنوبية عنه ، في كل يوم بليلته من ايام السنة في جميع الافاق الا في المستقيم والرحوي ، وهذا معنى قوله « يولج كل واحد منهما في صاحبه ».
وكذا اختلاف طول البقاع مع الحركة الاولى ففي حال زيادة زمان النهار ونقصان الليل وبالعكس في البقاع المذكورة بحسب الاختلافات العرضية ، يدخل بعض زمان الليل في النهار وبالعكس في الاماكن الشمالية عن خط الاستواء المختلفة في الطول ، وكذا الجنوبية عنه المختلفة فيه بحسب هذا الاختلاف ، وهذا معنى قوله « يولج صاحبه فيه ».
فالحالية تأسيس ؛ لانها اشارة الى نوع آخر من الزيادة والنقصان ، وعليه يتفرع وجوب صوم احد وثلاثين يوماً في صورة ، وثمانية وعشرين في اخرى ، على المسافر من بلد الى آخر بعيد عنه بعد رؤية الهلال.