الماء الذي خلق الاشياء منه ، فجعل نسب كل شيء الى الماء ، ولم يجعل للماء نسباً يضاف اليه ، وخلق الريح من الماء (١).
وحمل بعض (٢) المتفلسفة العرش في الآية على العالم الجسماني ، والماء على المادة التي لها قبول خير وشر ، كالماء القابل للتشكلات المختلفة.
ثم قال : ولك ان تعمم المادة التي عبر عنها بلسان الشرع بالماء بما يشمل مادة الارواح ، فان التحقيق الاتم يقتضي ان لا تخلو الارواح من مادة ، وهي منشأ امكانها الذاتي القابل للوجود الخاص ، ومبدأ استعدادها الفطري ، لامتثال امر « كن » في علم الله سبحانه.
فان كل ممكن جسما كان او روحا ، فهو زوج تركيبي ، له عدم من نفسه ، ووجود من ربه ، تميز عدمه بذلك الوجود ، وتخصص به ، احدهما بمنزلة المادة والاخر بمنزلة الصورة.
وباعتبار تقدم القابل على المقبول ورد اول ما خلق الله الماء ، ولكون القابل ليس من عداد المخلوق بل هو شرط له ورد اول ما خلق الله العقل.
أقول : قد عرفت ان اولية الاول بالاضافة الى الجواهر الجسمانية ، والثاني بالنسبة الى الجواهر الروحانية ، وهو الاول بالحقيقة ، والمراد به نفس النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لانها من حيث تدرك الاشياء كما هي عقل ، وليس المراد به ما يقوله الفلاسفة ، لانه يباين قواعد الملة.
والمذكور في بعض الروايات ان الله خلق الماء ثم خلق منه الارض ، ثم مكث ما شاء ، ثم خلق من دخان ساطع من الماء السماء.
والتوفيق بين قوله « هو الذي خلق لكم ما في الارض جميعا ثم استوى
____________
(١) روضة الكافي : ٨ / ٩٤.
(٢) المراد به صاحب الوافي في بعض رسائله « منه ».