الروح وسلب عنه العلم والدين.
وان كان الثاني ، كان ذلك وضعا للشيء في غير محله ، فكان ظلماً ، وهو تعالى غني عن ذلك ، وقد ورد من وضع الحكمة في غير أهلها جهل ، ومن منع اهلها ظلم ، فأعط كل ذي حق حقه.
وقال الفاضل الصالح المازندراني في شرح قوله « وحمل دينه وعلمه الماء » اي : حمل الماء عبادته وطاعته ، او سلطانه ومعرفته وعلمه بحقائق الاشياء ، وخواصها وآثارها وكمياتها ومقاديرها وكلياتها وجزئياتها ، على ما هي عليه في نفس الامر.
ولا يبعد ان يقال : تحميل ذلك على الماء باعتبار ان فيه جزءً مادياً لمحمد وآله الطاهرين.
وقال بعض المحققين : المراد بالماء هنا العقل القدسي الذي هو حامل عرش المعرفة ، هذا كلامه (١).
وفيه نظر يعرف مما سلف.
ثم انت خبير بأن لا منافاة بين قوله « اول ما خلق الله نوري او روحي او القلم » وبين ما في التوراة ، لان هذا في الجوهر الجسمانية ، وذلك في الجواهر الروحانية.
وانما المنافاة بينه وبين ضعيفة داود الرقي السابقة ، لان النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لما كان اول من تشرف بعناية الله وصار مظهر جلاله وجماله ، والمقرر عندهم ان اول خلق الله اشد مناسبة بذاته تعالى ، اذ لا واسطة بينه وبين خالقه ، كان هو حامل دينه وعلمه بلا واسطة.
فكيف يقال : ان الله حمل دينه وعلمه الماء قبل ان يخلق النبي وآله ـ عليهم السلام ـ فلما خلقهم واقروا بربوبيته حملهم العلم والدين.
____________
(١) شرح الكافي للعلامة المازندراني : ٤ / ١٤٩.