مستعملاً في المجموع
بوضع ثان ، كما في عموم المجاز.
والحق ان اللفظ موضوع لمفهوم الحقيقة
مطلقا ، مع قطع النظر عن الانفراد والاجتماع ، فاذا استعمل في معناه الحقيقي
والمجازي لم يبطل معناه الحقيقي ، لكن يكون مجازا في ارادة كل منهما ، لتجاوزه عن
معناه الحقيقي ، وقد بين ذلك في الاصول.
وكذلك لا يرد على البيضاوي ما اورده
عليه ملا ميرزا محمد بن الحسن الشيرواني بقوله : من الاوهام الفاضحة والاغلاط
الواضحة ما ذكره في تفسير هذه الآية.
حيث قال : وفيه دليل على ان الكفار
مخاطبون بالفروع ، ولا يخفى ان سياقها ظاهر في انها تكليف للمؤمنين بمنعهم من
المسجد ، وما بعدها وهو « وان خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله » ايضا دليل
عليه.
ثم قال : وانت خبير بأنه لو كان المراد
نهي الكفار وخطابهم وتكليفهم مع قطع النظر عن المؤمنين ، ولم يكن له تعلق
بالمؤمنين ، لم يكن للخطاب بالمؤمنين حاصل وثمرة ، الا ان يكون المراد خطابهم
اياهم وتبليغهم لهم.
وفيه تعسف ، وحمل الآية على تكليف
المؤمنين بالمنع ، وعلى تكليف المشركين بعدم القرب معاً ، قريب من الجمع بين
الحقيقة والمجاز ، على ان تكليف الكفار بما يشترط فيه الكفار ويتوقف عليه ، يجري
مجرى تكليف المحال ؛ لانهم لا يتمكنون من امتثاله حالة الكفر ولا حالة الايمان لو
وقع بدل الكفر ، بخلاف سائر الفروع ، فان الكافر لو بدل الكفر بالايمان وقت الزوال
لتمكن من ايقاع الصلاة الصحيحة الشرعية ، الى هنا كلامه.
وانت خبير بأن علاوته هذه مع انها واهية
في نفسها لما عرفته ، منقوضة بكون الجنب مثلا منهيا عن دخوله المسجد.
لانا نقول : تكليفه بما يشترط فيه
الجنابة ويتوقف عليها ، يجري مجرى تكليف المحال ؛ لانه لا يتمكن من امتثاله حالة
الجنابة ولا حالة الطهارة لو وقعت