بغداد فشارك في أهوالها وشملته آلامها.
يقول في ذلك في كشف المحجّة : «تمّ احتلال بغداد من قبل التتر في يوم الاثنين ١٨ محرم سنة ٦٥٦ ه ، وبتنا ليلة هائلة من المخاوف الدنيويّة ، فسلّمنا الله جلّ جلاله من تلك الأهوال» (١).
كلّف السيّد في زمن المستنصر بقبول منصب الإفتاء تارة ونقابة الطالبيّين تارة أخرى ، حتى وصل الأمر بأن عرض عليه الوزارة فرفضها ، غير انه ولي النقابة بالعراق من قبل هولاكو سنة ٦٦١ وجلس على مرتبة خضراء ، وفي ذلك يقول الشاعر علي بن حمزة مهنّئا :
فهذا عليّ نجل موسى بن جعفر |
|
شبيه عليّ نجل موسى بن جعفر |
فذاك بدست للإمامة أخضر |
|
وهذا بدست للنقابة أخضر |
لأنّ المأمون العبّاسي لما عهد إلى الرضا عليهالسلام ألبسه لباس الخضرة وأجلسه على وسادتين عظيمتين في الخضرة وأمر الناس بلبس الخضرة. (٢) واستمرّت ولاية النقابة إلى حين وفاته وكانت مدّتها ثلاث سنين وأحد عشر شهرا. (٣) كانت بين السيد وبين مؤيد الدين القمّي وزير الناصر ثم ابنه الظاهر ثم المستنصر مواصلة وصداقة متأكّدة ، كما كانت صلة أكيدة بينه وبين الوزير ابن العلقمي وابنه صاحب المخزن.
ولمّا فتح هولاكو بغداد في سنة ٦٥٦ ه أمر أن يستفتي العلماء أيّما أفضل : السلطان الكافر العادل أو السلطان المسلم الجائر؟ فجمع العلماء بالمستنصرية لذلك ، فلمّا وقفوا على المسألة أحجموا عن الجواب ، وكان رضي الدين علي بن الطاوس حاضر المجلس وكان مقدّما محترما ، فلمّا رأى احجامهم تناول الورقة وكتب بخطّه : الكافر العادل أفضل من المسلم الجائر ، فوضع العلماء خطوطهم معتمدين عليه. (٤)
__________________
(١) كشف المحجّة : ١١٥ ، فرج المهموم : ١٤٧ ، الإقبال : ٥٨٦.
(٢) الكنى والألقاب ١ : ٣٢٨.
(٣) البحار ١٠٧ : ٤٥.
(٤) الآداب السلطانية : ١١.