أقول : وقد ذكرنا في عدّة مواضع من كتابنا انّ السماء كأنّها كعبة الدعاء بالساكنين فيها من الملائكة وأرواح الأنبياء ، وهي محل العلاء ، وهي باب إطلاق الأرزاق والآمال ونزول الوحي وتدبير ما يكون ، قال الله جلّ جلاله (وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ) (١) ، فالبروز والوقوف على باب الله بهذه الصفات ، هو أقرب إلى إجابة الدعوات وقضاء الحاجات.
فصل (١٤)
فيما نذكره ممّا يصلّي عليه في صلاة العيد
روينا ذلك بإسنادنا إلى محمد بن الحسن بن الوليد بإسناده إلى أبي عبد الله عليهالسلام : انّ رسول الله صلىاللهعليهوآله كان يخرج حتّى ينظر إلى آفاق السماء ، وقال : لا تصلّين يومئذ على بساط ولا بارية ، يعني في العيدين (٢).
أقول : واعلم انّني كنت يوما من أيّام الأعياد ، قد قمت من السّجادة لأجلس على التّراب ، وأصلّي صلاة العيد على المأمور به من الآداب ، فأردت أن أجعل ذلك على سبيل العبادة لله جلّ جلاله لأنّه أهل للعبادة ، فورد على خاطري ما معناه :
اذكر كيف نقلناك من هذا التّراب الّذي تجلس عليه إلى ما قد بلغنا بك إليه من التكرّم والتعظيم ، وتسخيرنا لك ما سخّرناه ، من الأفلاك والدنيا والآخرة والملك العظيم (٣) ، واشتغل بالشكر لنا واعتقاد المنّة العظيمة ، من تطلّع خاطرك إلى الوسيلة إلينا بهذه الخدمة اليسيرة السقيمة.
فانّنا إذا (٤) رأيناك تقدّم حقّنا على ما يقع منك من الخدم ، كأنّي أثبت لك في رسوخ القدم ، وسبوغ النعم ، ودفع النقم ، وأدب العبوديّة ، وبلوغ الامنية.
__________________
(١) الذاريات : ٢٢.
(٢) عنه البحار ٩٠ : ٣٧١.
(٣) القديم ، القويم (خ ل).
(٤) فإذا (خ ل).