وتقطيعه وتلطيفه لما غلظ من موادها وغسله وجلائه لما لحج ، واحتقن في المجاري والمنافذ منها فولد السدد الموجبة للعفونة جاليا لما يجتمع في المعدة والكبد من الأخلاط الغليظة اللزجة مقطعا ملطفا لغلظها معينا على صعود ما يحتاج إلى صعوده وخروجه من فوق بالقيء ، وعلى حدور ما يحتاج إلى حدوره وخروجه من أسفل بالإسهال قاطعا للقيء البلغمي الكائن من خلط محتبس فيها مانعا من تولد الخمار إذا تنقل به على الشراب نافعا منه إذا أخذ بعده مزيلا لوخامة الأطعمة الكثيرة اللزجة والدهانة المرخية لفم المعدة الملطخة لها لغسله إياها من فضالتها ودهانتها وإزالته بذلك رخاوتها المكتسب منها ، وهو مع هذه المنافع بادزهر مقاوم بجوهره جملة سم ذوات السموم المصبوبة والمشروبة كسم الأفاعي والحيات والعقارب وخاصة العقارب المعروفة بالجرارات التي تكون بعسكر مكرم وسم كثير من الأدوية القتالة إذا تقدم بأخذه قبلها أو أخذ بعد استفراغ ما في المعدة وما داخلها وما خالطها بالقذف المستقصى بعد أخذ اللبن والسمن ونحوهما ، وبالجملة فمنافعه كثيرة ، وفوائده غزيرة وليس له مضرة تخشى ولا نكاية في شيء من الأعضاء خلا أنه غير جيد لمن كان عصبه ضعيفا والغالب على مزاجه البرد ، وأكثر ذلك متى أخذ بمفرده واستعمل بمجرده غير مخلوط بما يصلحه ، ولذلك صار أوفق للمصريين من الخل لما عليه معدهم وأمعاؤهم من الضعف وقلة الاحتمال لنكاية الخل بل بقيامه مقام الخل في النفع وميزته عليه بنفعهما أعني المعدة والأمعاء ولذلك ما اختاروا شرابه وكثر استعمالهم له فاستغنوا به عن السكنجبين في كثير من الأحوال هذا إذا أخذ على جهة الدواء ، فأما على جهة الغذاء فليس له في التغذية فائدة يعتد بها ليس يكاد أن يعزى إلى الأغذية ولا يعد منها. وأما بزره : فإن فيه بادزهرية يقاوم بها ذوات السموم كالتي في حب الأترج الحامض إلا أنها أضعف منه بقليل والشربة منه من مثقال إلى درهمين مقشورا إما بشراب أو بماء حار. وأما المملوح منه : فهو أدام يطيب النكهة والجشاء ويقوي المعدة ويذهب بلتها ويعين على جودة الإستمراء وهضم الأغذية الغليظة ويزيل وخامتها ويقوي القلب والكبد ويفتح سددها ، وسدد الكلى ويدر البول وينفع من كثير من العلل الباردة كالفالج والإسترخاء ويقاوم سم ذوات السموم.
وأما الليمون المركب : فإنه مركب من ليمون على أترج ونحن نقول بأن في قشره من المرارة والحرافة ما يزيد قوته على ما في قشر الأترج منها وينقص عما في قشر الليمون وفيه مع ذلك حلاوة يسيرة ليست فيهما ولذلك صارت فيه غذائية ليست فيهما وصار كالمتوسط في أفعاله من أفعالهما ، فأما لحمه ففيه حلاوة ظاهرة ورخاوة بينة وهشاشة وتخلخل ليست في لحم الأترج ولذلك صار أقل برد أو أقرب إلى الاعتدال من لحم الأترج وأسرع هضما وأخف على المعدة منه ، فأما حماضه فكحماض الأترج في سائر أحواله ولذلك صار ينفع من جميع ما ينفع منه حماض الأترج فصار شرابه كشراب حماض الأترج. قال : وأما شراب الليمون الساذج وهو المعمول من عصارته مع السكر وصفة اتخاذه على هذه الصفة يدق السكر ويجعل في قدر برام وهو الأفضل أو في قدر فخار مدهون فإن لم يتهيأ لك ففي طنجير نحاس مرتك ثم يلقى عليه لكل رطل سكر أربعة دراهم أو نحوها من اللبن الحليب ، فإن لم يتيسير اللبن فبياض البيض ويلت به السكر لتا جيدا ثم يلقى عليه من الماء قدر الكفاية ويحرك إلى أن ينحل ثم يرفع على