ثمّ الرسول الأكرم الذي نزل عليه القرآن
الكريم ، قد خلّف وترك بعد رحلته (كتاب الله والعترة الطاهرة) الذين يفسّرون
ويبيّنون ما جاء في القرآن ، فإنّما يعرف القرآن من خوطب به ، وإنّما نزل الكتاب
في بيوتهم ، فهم معدن العلم ومهبط الوحي وعيبة علم الله (عليهم السلام) أبد
الآبدين.
ثمّ لن يفترقا (الكتاب والعترة) حتّى
يوم القيامة ، كما جاء ذلك في حديث الثقلين المتواتر عند الفريقين ، في قول الرسول
الأعظم في عدّة مواطن : « إنّي تاركٌ فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما
إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا بعدي أبداً ، وإنّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض
» ، ولن تفيد
التأبيد ، أي أبداً لن يفترقا ، وكلّ ما في القرآن إنّما هو عند العترة الطاهرة ،
وكذلك العكس ، وهذا يعني أنّ القرآن على نحوين : قرآن علميّ (القرآن الصامت
المدوّن) ، وقرآن عيني (القرآن الناطق) وهم الذين تجسّد فيهم القرآن الكريم ، كما
كان النبيّ ، وأنّه حينما سئلت عائشة عن خلق النبيّ ، لأنّ الله قد مدحه بخلقه في
قوله :
(وَإنَّكَ لَعَلى خُلُق عَظيم) .
فأجابت : كان خلقه القرآن. أي كان يجسّد
القرآن في سيرته وسلوكه ، فتظهر الآيات القرآنية على أفعاله وأعماله.
وإذا لن يفترق الكتاب والعترة في
النهاية ، فكذلك لن يفترقا في البداية ، ولمثل هذا قال النبيّ الأكرم (صلى الله
عليه وآله) : « أوّل ما خلق الله نوري » ، واشتقّ من نوري نور عليّ ، ثمّ نور
فاطمة الزهراء والأئمة (عليهم السلام) ، فكانوا في عالم الأنوار والأرواح قبل