ويأتي بعد القسم ، كقوله تعالى : ( وَالْعَصْرِ ، إِنَ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ )(١).
وسائر الكلام غير هذه المواضع يفتح فيه.
قال سيبويه : « إِنَ » تأتي بمعنى « أَجَلْ » ، وكذلك قال محمد بن يزيد. وقال الكسائي : « إِنَ » بمعنى « نَعَمْ » ، وروَى ذلك عن عاصم. قال (٢) في « إِنّ » بمعنى « نعم » :
قَالُوا غَدَرْتَ فَقُلْتُ إِنَ ورُبَّما |
|
نَالَ الْمُنى وشَفَى الْغَلِيلَ الغَادِرُ |
وأنشد ثعلب (٣) :
لَيْتَ شِعْرِي هَلْ لِلْمُحِبِّ شِفَاءُ |
|
مِنْ جَوَى حُبِّهِنَ إِنَ اللِّقَاءُ |
وعن عليّ ـ رضياللهعنه ـ أنه قال : لا أُحصي كم سمعتُ رسول الله صَلى الله عَليه وسلم يقول : « إِنَ الحمدُ لله نَحْمَدُه ونستعينُه »برفع الدال ، أي نعم الحمدُ لله. ويروى أَنّ أعرابيّاً قال لابن الزبير : لا حُمِلَتْ ناقةٌ حَمَلَتْني إِليك ، فقال : إِنَ وصاحبُها، أي نعم.
وقيل في قوله (٤) :
بَكَرَتْ عَلَيَّ عَوَاذِ لِي |
|
يَلْحَيْنَنِي وأَلُومُهُنَّهْ |
ويَقُلْنَ شَيْبٌ قَدْ عَلَا |
|
ك وقَدْ كَبِرْتَ فَقُلْتُ إِنَّهْ |
أي نعم. وقيل : أراد : إِنّه كما يقلن ، فاختصر.
وعلى ذلك فُسِّر قوله تعالى : ( إِنْ هذانِ لَساحِرانِ )(٥) أي نعم ، واللام ينوى بها التقديم.
وقال أبو إِسحاق : المعنى : إِنَ هذان لهما
__________________
(١) سورة العصر : ١٠٣ / ١ ـ ٢. وانظر فتح القدير للشوكاني ، ( ٥ / ٤٧٨ ).
(٢) البيت بلا نسبة في إِعراب القرآن للنحاس ( ٣ / ٤٤ ).
(٣) البيت دون عزو في إِعراب القرآن ( ٣ / ٤٥ ).
(٤) عبيد الله بن قيس الرقيات ، ديوانه (٦٦) ، والصحاح واللسان ( أنن ).
(٥) سورة طه : ٢٠ / ٦٣.