تُراباً وَعِظاماً أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ )(١) ، وقال سيبويه عمرو بن عثمان الحارثي البصري (٢) : أن الثانية مبدلة من الأولة (٣) [ أي ] [ من أن الأولى ](٤).
والمعنى أنكم مخرجون إِذا متم. وقال أبو زكريّا يحيى بن زياد الفراء العبسي الكوفي (٥) ، وأبو العباس محمد بن يزيد الثمالي البصري الملقب بالمبرد (٦) : الثانيةُ مكررةٌ للتوكيدِ لما طال الكلام كان تكريرُها حسناً.
ي
[ أي ] : كلمة لها أربعة مواضع ، تكون نعتاً كقولك : رأيت رجلاً أيَ رجل.
وتكون استفهاماً كقولك : أي القوم أبوك؟ ولا يعمل فيها ما قبلها ولكن ما بعدها ، قال الله تعالى : ( لِنَعْلَمَ أَيُ الْحِزْبَيْنِ )(٧) وقال تعالى : ( أَيَ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ )(٨) وإِنما لم يعمل في أي ما قبلها لأن الاستفهامَ له صدرُ الكلام. قال بعضهم : لأن الاستفهامَ معنى وما قبله معنى آخر ، فلو عمل فيه ما قبله لدخل بعض المعاني في بعض.
وتكون جزاءً كقولك : أيُ القوم يكرمني أكرمه.
وتكون خبراً كقولك : أيُّهم في الدار أخوك. وقول الله تعالى : ( وَكَأَيِّنْ مِنْ
__________________
(١) سورة المؤمنون ٢٣ الآية ٣٥.
(٢) وهو صاحب المصنَّفِ المشهور المعروف بـ ( الكتاب ) أو ( كتاب سيبويه ) ، ولد في إِحدى قرى شيراز عام ( ١٤٨ ه ) ، وقدم البصرة ، وتتلمذ على الخليل بن أحمد ، ثم رحل إِلى بغداد وأجازه الرشيد ، وعاد إِلى الأهواز وتُوفِّي بها عام ( ١٨٠ ه ). وقيل تُوفِّي وقُبِر في شيراز.
(٣) هكذا جاءت في النسخ ، وكانت كلمة ( الأولى ) أحق بالاستعمال لشهرتها وكلاهما فصيح.
(٤) أي زيادة منا يقتضيها السياق. ولعل عبارة « من الأولى » إِضافة من علي بن نشوان.
(٥) ويقال في نسبه : المنقري والأسدي والديلمي ، ومن أشهر كتبه ( معاني القرآن ) ولد عام ( ١٤٤ ه ) وتوفي عام ( ١٧٠ ه ).
(٦) من أشهر مؤلفاته ( الكامل ) و ( المقتضب ) و ( إِعراب القرآن ) ولد عام ( ٢١٠ ه ) وتوفي عام ( ٢٨٦ ه ).
(٧) سورة الكهف ١٨ من الآية ١٢ : ( ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً ).
(٨) سورة الشعراء ٢٦ من الآية ٢٢٧ : ( إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَذَكَرُوا اللهَ كَثِيراً وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ).