الإباضية يرون أنه لابد للأمة المسلمة من اقامة دولة ونصب حاكم يتولىٰ تصريف شؤونها ، فإذا ابتليت الأمة بأن كان حاكمها ظالماً ، فإن الإباضية لا يرون وجوب الخروج عليه لا سيما إذا خيف أن يؤدي ذلك إلىٰ فتنة وفساد (١).
وقد علّق العلامة جعفر السبحاني عن هذا الرأي بقوله : وأظن أن ما كتبه يحيى معمر في هذا الكتاب وفي كتاب « الإباضية في موكب التاريخ هو دعايات وشعارات من أجل التقريب بين الإباضية وسائر الفرق ولا سيما أهل السنة (٢). هكذا أثر التاريخ علىٰ نظرية الخوارج التي كما قلنا سابقاً تفتقر إلىٰ رؤية واضحة للإطار السياسي الذي تتحرك فيه ، مما جعلها سريعة الانحلال وبالتالي الاضمحلال.
لكن المدرستين واللتان بقيتا قائمتين إلىٰ يومنا هذا هما مدرسة الخلفاء ، والتي تعتمد في بنائها النظري للنظام السياسي علىٰ مبدأ الشورىٰ ومدرسة أهل البيت والتي جعلت من الإمامة هي القاعدة الأساسية للنظام السياسي لها.
الشورى .. الدلالة والحقيقة
تعتبر الشورى القاعدة الأساسية للنظام السياسي السني ، وهي المنهج المتبع في تحديد الحاكم إذ ترىٰ المدرسة السنية أن الرسول بعد
______________
(١) انظر : جعفر سبحاني : بحوث في الملل والنحل : ٥ / ٢٦٤.
(٢) المصدر السابق ص ٢٦٥.