عليك ، فان أجابك عشرة من مائة شددت بهم على الباقين ، فان دانوا لك فذاك ، وإلا قاتلتهم وكنت أولى بالعذر ، قتلت أو بقيت ، وكنت أعلى عند الله حجة.
فقال : أترجوا يا جندب أن يبايعني من كل عشرة واحد ، قلت : أرجوا ذلك قال : لكني لا ارجو ذلك ، لا والله ولا من المائة واحد ، وسأخبرك أن الناس إنما ينظرون الى قريش فيقولون : هم قوم محمد وقبيله ، وأما قريش بينها فتقول : ان آل محمد يرون لهم على الناس بنبوته فضلا ، ويرون أنهم اولياء هذا الأمر دون قريش ، ودون غيرهم من الناس ، وهم ان ولوه لم يخرج السلطان منهم الى احد أبدا ، ومتى كان في غيرهم تداولته قريش بينها ، لا والله لا يدفع الناس الينا هذا الأمر طائعين أبدا.
قلت : جعلت فداك يا ابن عم رسول الله ، لقد صدعت قلبي بهذا القول ، أفلا ارجع الى المصر ، فؤذن الناس بمقالتك ، وأدعو الناس اليك ، فقال : يا جندب ليس هذا زمان ذاك.
قال : فانصرفت الى العراق فكنت اذكر فضل علي على الناس ، فلا أعدم رجلا يقول لي ما أكره ، وأحسن ما أسمعه قول من يقول : دع عنك هذا وخذ فيما ينفعك ، فأقول : إن هذا مما ينفعني وينفعك ، فيقوم عني ويدعني. حتى رفع ذلك من قولي الى الوليد بن عقبة ، ايام ولينا ، فبعث الي فحبسني حتى كلم في ، فخلى سبيلي.
ونادى عمار بن ياسر ذلك اليوم : يا معشر المسلمين ، انا قد كنا وما كنا نستطيع الكلام ، قلة وذلة ، فأعزنا الله بدينه ، وأكرمنا برسوله ، فالحمد لله رب العالمين ، يا معشر قريش ، الى متى تصرفون هذا الأمر عن أهل بيت نبيكم ، تحولونه هنا هنا مرة ، وها هنا مرة ، وما أنا آمن أن ينزعه الله منكم ، ويضعه في غيركم ، كما نزعتموه من أهله ، ووضعتموه في غير أهله.
فقال له هاشم بن الوليد بن المغيرة : يا ابن سمية ، لقد عدوت طورك وما عرفت قدرك ، ما أنت وما رأت قريش لأنفسها ، إنك لست في شيء من أمرها وإمارتها فتنح عنها.