وما أنت وذاك يا مقداد ، قال المقداد : اني والله أحبهم لحب رسول الله صلى الله عليه وآله ، وإني لأعجب من قريش وتطاولهم على الناس بفضل رسول الله ، ثم انتزاعهم سلطانه من أهله ، قال عبد الرحمن : أما والله لقد أجهدت نفسي لكم ، قال المقداد : أما والله لقد تركت رجلا من الذين يأمرون بالحق وبه يعدلون ، أما والله لو أن لي على قريش أعوانا لقاتلتهم قتالي اياهم ببدر وأحد ، فقال عبد الرحمن ، ثكلتك أمك ، لا يسمعن هذا الكلام الناس ، فإني أخاف أن تكون صاحب فتنة وفرقة.
قال المقداد : ان من دعا الى الحق وأهله وولاة الأمر لا يكون صاحب فتنة ، ولكن من أقحم الناس في الباطل ، وآثر الهوى على الحق ، فذلك صاحب الفتنة والفرقة.
قال : فتربد وجه عبد الرحمن ، ثم قال : لو أعلم انك اياي تعني لكان لي ولك شأن.
قال المقداد : أياي تهدد يا ابن ام عبد الرحمن ، ثم قام عن عبد الرحمن فانصرف.
قال جندب بن عبد الله : فاتبعته وقلت له : يا عبد الله ، أنا من اعوانك ، فقال : رحمك الله ، ان هذا الأمر لا يغنى فيه الرجلان ولا الثلاثة ، قال : فدخلت من فوري ذلك على علي عليه السلام ، فلما جلست إليه قلت : يا أبا الحسن ، والله ما أصاب قومك بصرف هذا الأمر عنك ، فقال : صبر جميل والله المستعان.
فقلت : والله انك لصبور ، قال : فان لم أصبر فماذا أصنع قلت : اني جلست الى المقداد بن عمرو آنفا ، وعبد الرحمن بن عوف ، فقالا كذا وكذا ، ثم قام المقداد فاتبعته ، فقلت له كذا ، فقال لي كذا ، فقال علي عليه السلام ، لقد صدق المقداد فما أصنع ، فقلت : تقوم في الناس فتدعوهم الى نفسك ، وتخبرهم أنك أولى بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم ، وتسألهم النصر على هؤلاء المظاهرين