قاعدة «١٧»
الإكراه إن كان ملجئا ، وهو الّذي لا يبقى للشخص معه قدرة ولا اختيار ، كالإلقاء من شاهق ، لم يصح معه التكليف لا بالفعل المكره عليه لضرورة وقوعه ولا بضده لامتناعه.
والتكليف بالواجب وقوعه والممتنع وقوعه محال ، لاشتراطه بالقدرة ، والقادر هو : إن شاء فعل ، وإن شاء ترك.
وإن كان غير ملجئ ، كما لو قال له : إن لم تكفر أو تقتل زيدا وإلا قتلتك ، وعلم أو غلب على ظنه أنه إن لم يفعل وإلا قتله ، فلا يمتنع معه التكليف ، ويدل عليه بقاء تحريم القتل.
وردّه المعتزلة (١) استنادا إلى اشتراط كون المأمور به بحال يثاب عليه ، والمكره آت بالفعل لداعي الإكراه ، لا لداعي الشرع ، فلا يثاب عليه ؛ ولا يمتنع في نقيضه ، لأنه إذا أتى به كان أبلغ في إجابة داعي الشرع.
وقيل : إنه إن أتى به لداعي الشرع صح ، أو لداعي الإكراه فلا (٢).
وهذا يرجع إلى اعتبار نية الإخلاص في العمل ، فمن فعله لداعي الإكراه فقد فعله لغير الله ، ومن فعله لداعي الشرع فقد أخلص.
إذا علمت ذلك فللقاعدة فروع :
منها : المكره على فعل مبطلات الصلاة والصوم ، وقد اختلف الأصحاب وغيرهم في فساد العبادة به.
ومنشؤه من صدق فعل المفسد اختيارا ، حيث لم يذهب القصد ، لأنه
__________________
(١) المعتمد ١ : ١٦٥ ، ونقله عنهم في التمهيد : ١٢٠.
(٢) المستصفى١ : ٩٠ ، المنخول : ٣٢.