واستند الأول إلى أن الله خلق العبد وما ينتفع به ، فلو لم يبح له كان خلقه (١) عبثا.
وبأنه إذا تحقق أنه لا مفسدة في أكل الفاكهة مثلا ولا مضرة ، مع ظهور المنفعة ، فذلك حسن.
والثاني إلى أن الفعل تصرف في ملك الله بغير إذنه ، وهو قبيح.
وأجيب : بأن الإذن معلومة عقلا ، حيث لا ضرر على المالك ، كالاستظلال بحائط الغير (٢).
إذا علمت ذلك فللمسألة فروع :
منها : إذا وقعت واقعة ولم يوجد من يفتي فيها ، فقيل : حكمها حكم ما قبل ورود الشرع ، وقيل : لا حكم فيها ، ولا تكليف أصلا (٣).
ومنها : ما لو خفي عليه المقدار المعفو عنه من الدم مثلا ، ولم يجد من يعرفه ، فقيل : يبني على هذا الأصل (٤).
وفيه نظر ، لأن النجاسة مانعة ، فلا تصح الصلاة بها إلا مع تيقن العفو عنها.
ويحتمل أن يقال : إن الأصل صحة الصلاة وبراءة الذّمّة من وجوب إزالتها ، إلى أن يعلم خلافه.
__________________
(١) في « م » ، « ح » : خلقهما.
(٢) كما في المعتمد ١ : ٣٢٠.
(٣) قال الأسنوي في التمهيد : ١١١ ، إذا وقعت واقعة ولم يوجد من يفتي فيها فحكمها كما قال في الروضة في كتاب القضاء حكم ما قبل ورود الشرع ، قال : والصحيح في ذلك أنه لا حكم فيها ، ولا تكليف أصلا ، انتهى. وقد يستفاد القول الأول من عموم كلام ابن حزم في الإحكام ١ : ٥٩.
(٤) التمهيد للأسنوي : ١١١.