وبما حققناه يظهر عليك فساد ما علّل به كثير من الأصحاب (١) عدم وجوب شيء لو قال : ماله عليّ عشرة إلا درهما ، حيث جعلوه غير منصوب على الاستثناء من المنفي ، بل خصوه بكون النفي داخلا على المجموع ، فتأمل في كلامهم.
قاعدة « ١٧٦ »
اتفق النحاة على أنّ أصل « غير » هو الصفة ، وأن الاستثناء بها عارض ، بخلاف « إلّا » فإنها بالعكس.
ويشترط في « غير » أن يكون ما قبلها ينطبق على ما بعدها ، فتقول : مررت برجل غير طويل ، أو بطويل غير عاقل ، ولا يجوز : مررت برجل غير امرأة ، ولا رأيت طويلا غير قصير. بخلاف « لا » النافية ، فإنها بالعكس. نعم إن كانا علمين جاز العطف « بلا » و « غير ».
إذا عرفت ذلك فمن فروعها :
إذا قال : له عليّ درهم غير دانق ، قال النحاة : إن رفع « غيرا » فعليه درهم تام ، لأنه صفة ، والمعنى : درهم لا دانق ؛ وإن نصب ، فقال الفارسي : أنه منصوب على الحال (٢) ، واختاره ابن مالك ونقله عن ظاهر كلام سيبويه (٣) ، فعلى هذا يلزمه درهم كامل.
وقيل إنه منصوب على الاستثناء (٤) ، وهو المشهور ، فيلزمه خمسة
__________________
(١) قواعد الأحكام ١ : ٢٨٤ ، شرائع الإسلام ٣ : ٦٩٦ ، مفتاح الكرامة ٩ : ٣١٢.
(٢) شرح التصريح على التوضيح ١ : ٣٦١.
(٣) الكتاب ١ : ٤٣٩.
(٤) اختاره ابن عصفور كما في مغني اللبيب ١ : ٢١١.