وقيل : لا تدل عليه مطلقا (١) ، لمنع إفادة التركيب ذلك ، فإن « إنّ » إنما تقتضي التحقيق ، فإن دخلت على السالبة يكون تحقيقا للسلب ، أو على الموجبة فيكون تحقيقا للإيجاب ، فلا منافاة بين إنّ وإنما.
أو لأن « ما » ليست للنفي ، لأن « إنّ » لا تدخل إلا على الاسم ، وما النافية لا تنفي إلا ما دخلت عليه.
أو لأن وقوعها لغير الحصر لغة ثابت ، كقوله تعالى ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ) (٢) مع الإجماع على أنّ من ليس كذلك قد يكون مؤمنا ، والاعتماد على النقل ، وهو حجة ؛ وحينئذ يتسع باب التأويل.
إذا عرفت ذلك فمن فروعه :
الاكتفاء به في التحالف حيث يثبت بين المتبايعين أو المتآجرين أو غيرهم ، وذلك لأنه لا بد فيه من الجمع بين النفي والإثبات في يمين واحدة فيقول مثلا : والله ما بعته بكذا ، ولقد بعته بكذا ، لأنه مدع ومدعى عليه ، فلو قال : والله إنما بعته بكذا ، فمقتضى القول بإفادتها الحصر الاكتفاء بذلك ، سيما إذا كان من باب المنطوق. ولكن إنما يتجه ذلك إذا قلنا إنّ تقديم النفي على الإثبات ليس بواجب ، وظاهرهم وجوبه ، بل الأقوى جواز الاقتصار عليه (٣). وتأخير يمين الإثبات إلى أن ينكل الآخر عن يمينه ، فيحلف الأول عليه لإثبات حقه ؛ وإلا لم يتوقف عليه. وعلى هذا فيسقط التفريع.
والقائل بوجوب الجمع بين النفي والإثبات في اليمين الواحدة ، يكتفي بالإثبات السابق على تقدير نكول الآخر.
__________________
(١) الإحكام في أصول الأحكام ٣ : ١٠٦ ، فواتح الرحموت١ : ٤٣٤ ، ونقله عن أبي حيان في الإتقان ٣ : ١٦٨.
(٢) الأنفال : ٢.
(٣) أي : على يمين النفي.