( قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ ) (١)
إذا عرفت ذلك فيتفرع عليه :
ما إذا قال لعبد الغير : قد أعتقتك ، فإن ذكره في معرض الإنشاء فلغو ، وإن ذكره في معرض الإقرار أو اشتبه الحال ، حكم عليه به إن ملكه. وإنما جعلناه مع الاشتباه إقرارا ، لأن « قد » مؤكدة معنى المضي في الفعل ، وهو يقتضي سبق عتقه له. بخلاف قوله : أعتقتك ، مجردا ، فإنه يحتمل الأمرين على السواء ، فيرجع إليه فيه.
ويحتمل قويا الحكم عليه بالإقرار هنا أيضا ، لا لذلك ، بل لأن حقيقة الفعل الماضي وقوعه سابقا ، وحمله على الإنشاء خلاف مدلوله لغة ، فلا يصار إليه حيث لا يقصد الإنشاء.
ولو قال البائع في الإيجاب : قد بعتك ، احتمل عدم الصحة ، نظرا إلى أن الإنشاء يفيد تحصيل مدلوله من اللفظ ، و « قد » تفيد تقريب الماضي من الحال ، لا تحقيقه ، ومن ثم لم تدخل على ما يفيد الحال.
ويحتمل الوقوع بذلك ، التفاتا إلى أن ذلك هو الأصل فيها حيث تدخل على الفعل الماضي ، وهنا قد دخلت على صيغة منقولة إلى الإنشاء ، فلم يقصد منه لازمه من الفعل ، بل مجرّد التحقيق ، وهذا أقوى.
ولو أتى به المشتري فقال : قد قبلت ، فالوجهان. وفي صحته منه شك ثان ، وهو كونه فاصلا بين الإيجاب والقبول بما هو مستغن عنه. ويقوّى اغتفار مثل ذلك ، لأنه لا يعدّ فاصلا لغة ولا عرفا ، بل هو كالجزء من القبول ، مفيد لفائدة فيه لم تحصل بدونه ، وهو تأكيد ثبوته وتحقيقه ، ولم يعهد من الشارع المضايقة في مثل ذلك ، ولا فيما هو أبلغ منه.
__________________
(١) البقرة : ١٤٤.