تعطيني ؛ والثالث للتعيين بعد الاستفهام ، نحو ( فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا ) (١) ( قالُوا إِنَّ لَنا لَأَجْراً ) (٢).
ثم إن وقعت في موجب أو سؤال عنه فهي تصديق للثبوت ، وإن وقعت في جواب النفي والسؤال عنه فهي تصديق للنفي ، فإذا قال : قام زيد ، أو هل قام زيد؟ فقلت : نعم ، فمعناه أنه قام. وإذا قال : لم يقم زيد أو ألم يقم زيد ، بالهمزة ، فأجبت بنعم ، فمعناه أنه لم يقم. ومنه ما تقدم نقله عن ابن عباس.
والحاصل أن الإثبات تصديقه : نعم ، وتكذيبه : لا ؛ والنفي تصديقه : نعم ، وتكذيبه : بلى ، دون « لا » لأنها لنفي الإثبات ، لا لنفي النفي.
والاستفهام كالمجرد عنه ، فإذا قيل : أقام زيد؟ فهو مثل : قام زيد ، تقول في إثباته : نعم ، وفي نفيه : لا. ويمتنع بلى.
وإذا قيل : ألم يقم زيد؟ فهو مثل : لم يقم [ تقول ] في إثباته « بلى » دون « لا » وفي نفيه « نعم » قال تعالى ( أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ قالُوا بَلى ) (٣) ( أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى ) (٤). ومن هنا خرج قول ابن عباس (٥).
والحاصل أنّ « بلى » لا تأتي إلا بعد النفي ، وأنّ « لا » لا تأتي إلا بعد الإيجاب ، وأن « نعم » تأتي بعدهما ، هذا هو المشهور بين النحاة.
وذهب جماعة (٦) منهم إلى أنّ جواز وقوع « نعم » بعد الاستفهام للمنفي ـ المراد به التقرير للمنفي ـ رعاية للفظه ، وللإيجاب رعاية لمعناه. وعليه جاء قول
__________________
(١) الأعراف : ٤٤.
(٢) الشعراء : ٤١.
(٣) الملك : ٩.
(٤) البقرة : ٢٦٠.
(٥) يعني قوله في قوله تعالى ( أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى ) أنهم لو قالوا نعم لكفروا.
(٦) كما في مغني اللبيب ١ : ٤٥٣ ، وشرح الكافية للرضي ٢ : ٣٨١ ، وتسهيل الفوائد : ٢٤٥.