أجروا النفي مع التقرير مجرى النفي المجرّد في رده بـ « بلى » ولذلك قال ابن عباس : لو قالوا : نعم ، كفروا (١). ووجهه أنّ « نعم » تصديق للمخبر بنفي أو إيجاب.
وقد يجاب بها بعد الاستفهام المجرّد عن النفي على قلة ، ومنه في الحديث قوله صلىاللهعليهوآله لأصحابه « أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة؟ قالوا : بلى » (٢).
وقوله صلىاللهعليهوآله لرجل أراد هبة بعض أولاده « أيسرك أن يكونوا لك في البر سواء؟ قال : بلى ، قال : فلا إذن » (٣).
وقوله صلىاللهعليهوآله لرجل « أنت الّذي لقيتني بمكة؟ فقال له المجيب : بلى » (٤).
ومن ثم ذهب بعضهم إلى عدم اختصاصها بالنفي ، ونازع في المحكي عن ابن عباس (٥).
والخامس : « نعم » وفيه أربع لغات : فتح العين ، وكسرها ، وبه قرأ الكسائي (٦) وإبدال عينها حاء كذلك ، وبه قرأ ابن مسعود (٧).
وفيه لغة خامسة ، وهي كسر النون إتباعا لكسرة العين ، تنزيلا لها منزلة الفعل في قولك : نعم وشهد بكسرتين ، بل كما نزّلت « بلى » منزلة الفعل في الإمالة. وهي حرف تصديق ، ووعد ، وإعلام ؛ فالأوّل بعد الخبر ، والثاني بعد افعل الفعل وما في معناه كهلا تفعل ، وبعد الاستفهام نحو : هل
__________________
(١) مغني اللبيب ١ : ١٥٤.
(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ١٤٣٢ حديث ٤٢٨٣.
(٣) صحيح مسلم ٣ : ٤٣٨ كتاب الهبات حديث ١٧ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٧٩٥ حديث ٢٣٧٥.
(٤) صحيح مسلم ٢ : ٢٤٣ كتاب صلاة المسافر حديث ٢٩٤.
(٥) نقله عنه في مغني اللبيب ١ : ١٥٤.
(٦) مغني اللبيب ١ : ٤٥١ ، التبيان ٤ : ٤٠٦.
(٧) مغني اللبيب ١ : ٤٥١.