وما هجرتك لا بل زادني شغفا (١)
وإن تلاها جملة كان معنى الإضراب أما الإبطال نحو ( وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ ) (٢) أي : بل هم عباد ، ونحو ( أَمْ يَقُولُونَ بِهِ جِنَّةٌ بَلْ جاءَهُمْ بِالْحَقِّ ) (٣).
وإما الانتقال من غرض إلى آخر ، نحو ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّى وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا ) (٤) وقوله تعالى ( وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ بَلْ قُلُوبُهُمْ فِي غَمْرَةٍ مِنْ هذا ) (٥) وهي هنا حرف إضراب خاصة ، لا عاطفة على الصحيح. وقيل : عاطفة أيضا كالمفرد.
إذا عرفت ذلك فيتفرع عليه :
ما لو قال : له عليّ درهم بل درهمان ، وبالعكس ، وهذا الدرهم بل هذا ؛ وقفيز حنطة بل قفيز شعير ، وقفيز بل قفيزان ، ونحو ذلك ، فيلزمه الدرهمان في الثلاثة الأول ، والقفيزان في الأخيرين.
ولو قال : درهم بل درهم ، فواحد على الأقوى. ولو عيّن أحدهما وأبهم في الآخر فكذلك على الأقوى ، بخلاف ما لو عينهما.
ولو قال : درهم بل دينار ، ثبتا معا.
ولو قال : ماله درهم بل درهمان ، ثبتا ، وكذا : ماله هذا الدرهم بل هذين ، ولو عكس ثبت الدرهم خاصة. وتخريج ذلك ونظائره على القاعدة واضح ، فرتب عليه ما يرد عليك في الباب.
__________________
(١) وتمامه « هجر وبعد تراخى لا إلى أجل السيوطي : ١٢٠ ، ومغني اللبيب ١ : ١٥٣.
(٢) الأنبياء : ٢٦.
(٣) المؤمنون : ٧٠.
(٤) الأعلى : ١٤ ـ ١٦.
(٥) المؤمنون : ٦٢ ، ٦١.