والطلاق مردد بين الأولتين والثالثة ، فإن عيّن الثالثة طلّقت وحدها ، وإن عيّن الأولتين أو إحداهما طلقتا. وإن ضم الثانية إلى الثالثة وجعلهما حزبا والأولى حزبا ، طلّقت الأولى وإحدى الأخيرتين. وهذا الضم والتحزيب يعرف من قرينة الوقفة والنغمة. فإن لم تكن قرينة وتعذر الرجوع إليه في التفسير ، فمقتضى الواو الجمع بين الأولى والثانية في الحكم ، فيجعلا حزبا والثالثة حزبا.
هذا إذا كان عارفا بالعربية ، ولو كان جاهلا طلّقت الأولى بيقين (١) وتخيّر بين الأخيرتين أو وقع الاشتباه فيهما.
ولو انعكس فقال : هذه طالق أو هذه وهذه ، قيل : طلقت الثالثة ، ويعيّن من شاء من الأولى والثانية. وهو يتم إن قصد عطف الثالثة على إحداهما ، فلو قصده على الثانية عين الأولى أو الثانية والثالثة ، ولو مات قبل التعيين أقرع.
ولو قيل لا يقع الطلاق على غير من واجهها بالصيغة ، دون من عطفها كان حسنا.
ومنها : لو قال : بع هذا العبد أو ذاك ، قيل : لا يصح التوكيل (٢) ، حملا لـ « أو » على التقسيم أو الشك ، كقوله تعالى ( لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ) (٣) ، أو الإبهام كقوله تعالى ( وَإِنّا أَوْ إِيّاكُمْ لَعَلى هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ ) (٤) ، والشاهد في « أو » الأولى.
ويحتمل الصحة ، حملا لها على التخيير أو الإباحة ، فيكون كقوله : بع أحدهما. وحملها على الشك بعيد ، لأنه إنما يتجه ويظهر في شيء وقع.
ويمكن أن يقال : اشتراكها بين المعاني المتباينة الدال بعضها على صحة التوكيل ، وبعضها على بطلانه ، يوجب عدم الصحة ، للشك في إرادة أيّهما.
__________________
(١) في غير « د » : بتعين
(٢) المبسوط ١ : ٣٩٢.
(٣) الكهف : ١٩.
(٤) سبأ : ٢٤.