يجوز إبقاء شيء وإن قلّ ، لدخول ما عداه في المشيئة. ومثله : بع من شئت من عبيدي ، فلو باعهم إلا واحدا صحّ.
ومنها : لو قال : ضعوا عن المكاتب ما يشاء من مال الكتابة ، قال العلامة : لو شاء الجميع لم يصح ، لأن « من » للتبعيض (١). وهذا إما مبني على إنكار مجيئها لبيان الجنس ، أو تجوّز في العبارة ، بمعنى اختيار كونها هنا للتبعيض ، أي محمولة عليه لاشتراكها ، فلا تحمل على الجنس للشكّ فيه ، ويبقى البعض داخلا على التقديرين. وهذا حسن ، ولكن لا يدفع المؤاخذة على ظاهر العبارة.
وأما ما أورده العلامة قطب الدين الرازي عليه ، بإمكان كونها للتبيين ، فتصح مشيئته للكل فقد عرفت ما فيه ، فإنه وإن أمكن كونها كذلك لكن لا يحكم به ، لأن المشترك لا يحمل على أحد معانيه بدون القرينة ، ولا قرينة هنا على إرادة التبيين ، كما لا قرينة على إرادة البعض ، وإنما حملناه عليه لدخوله على التقديرين ؛ ولكن النّظر وارد على إطلاقه كونها للتبعيض إن لم يكن منكرا لذلك المعنى ، كما أنكره من حكيناه عنه.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : « يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب » (٢) والظاهر أنّ « من » فيهما تعليلية ، أي يحرم بسب الرضاع ما يحرم بسبب النسب ، وحينئذ فكل امرأة تحرم بالنسب ـ كالأم والأخت والبنت والعمة والخالة ـ تحرم بالرضاع. كما إذا أرضعت أمه أو زوجته أوجدته أنثى الرضاع المعتبر ، فإن الرضيعة تصير بمنزلة واحدة ممن ذكر ، وكذا ما أشبهه. ومفهوم الخبر مضافا إلى الأصل : أنّ التي تحرم بالمصاهرة ـ كبنت الزوجة ـ لا تحرم بالرضاع.
__________________
(١) قواعد الأحكام ٢ : ١٢٥.
(٢) الكافي ٥ : ٤٣٧ باب الرضاع حديث ٢ ، ٣ ، الفقيه ٣ : ٤٧٥ حديث ٤٦٦٥ ، الوسائل ١٤ : ٢٨٠ أبواب ما يحرم بالرضاع باب ١ حديث ١ ، ٣ ، ٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٦٢٣ حديث ١٩٣٧ ، ١٩٣٨.