ومن وقوعها بعد غيرهما ( يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ) (١). والشاهد في غير الأولى ، فإن تلك للابتداء ، وقيل زائدة (٢) ونحو ( فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ ) (٣).
وأنكر قوم مجيء « من » لبيان الجنس ، وقالوا : هي في ( مِنْ ذَهَبٍ ) و ( مِنْ سُنْدُسٍ ) للتبعيض وفي ( مِنَ الْأَوْثانِ ) للابتداء ، والمعنى : فاجتنبوا من الأوثان الرجس ، وهي عبادتها (٤).
ومنها : التعليل ، كقوله تعالى ( كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها مِنْ غَمٍّ أُعِيدُوا فِيها ) وقوله ( مِمّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا ) (٥). وقول الشاعر :
وذلك من نبإ جاءني
(٦) وقول الفرزدق :
يغضي حياء ويغضى من مهابته(٧)
إذا تقرر ذلك ، فمن فروع القاعدة :
ما إذا قال : بع ما شئت من أموالي ، واقبض ما شئت من ديوني ، ونحو ذلك ؛ فإنه يحمل على التبعيض ، فلا يصح له بيع الجميع ، ولا قبضه ، إما لعدم صلاحية غيره ، أو للشك في إرادته. و (٨) المتيقن البعض ، فيقتصر عليه ، ولكن
__________________
(١) الكهف : ٣١.
(٢) إملاء ما من به الرحمن ٢ : ١٠٢.
(٣) الحج : ٣٠.
(٤) البحر المحيط ٦ : ١٢٢ ، إملاء ما من به الرحمن ٢ : ١٢٢ ، همع الهوامع ١ : ٣٤.
(٥) الحج : ٢٢ ، نوح : ٢٥ بالترتيب.
(٦) وتمام البيت « وخبرته عن أبي الأسود » وهو لإمرئ القيس ، انظر : ديوانه : ٧٦.
(٧) وتمام البيت « فما يكلم إلا حين يبتسم » والبيت من قصيدة قالها في علي بن الحسين عليهالسلام ، ديوان الفرزدق ٢ : ١٧٩.
(٨) في « ح » : أو.