خاتمة قواعد الأسماء :
المشهور بين النحاة والأصوليين أنّ المبتدأ منحصر في خبره دون العكس ، وذلك لأن المبتدأ إما أخص من الخبر أو مساو ، والخبر لا يكون أخص من المبتدأ ، بل إما أعم أو مساو. فإذا قلت مثلا : زيد قائم ، أفاد انحصار زيد في القيام ، ولا يفيد انحصار القيام فيه ، وذلك ظاهر. ولو قلت : القائم زيد ، أفاد انحصار القيام في زيد ، لأن القيام حينئذ هو المبتدأ وزيد الخبر ، لأنهما معرفتان ، فجعل الثاني منهما خبرا.
وسواء في ذلك كانت القضية صادقة أم محتملة للصدق ، كما إذا كان الحصر إضافيا بالنسبة إلى قوم مخصوصين ، أم كاذبة ، إذا كان الحكم مطلقا.
وبهذا فرّقوا بين قولنا : زيد عالم ، وبين قولنا : العالم زيد ، فإن الأول لا يفيد انحصار العلم في زيد ، بخلاف الثاني.
وأما قول بعض الأصوليين ، أن قولنا : زيد العالم يفيد انحصار العلم فيه أيضا ، فمستفاد من دليل آخر لو تم (١).
ويشكل الحكم في أصل القاعدة من حيث إنّ الإخبار بالأخص واقع أيضا وإن قل ، إما مطلقا كقولنا : حيوان متحرك كاتب ، أو من وجه كقولنا : زيد قائم ؛ فإن المراد من الإخبار الإسناد في الجملة ، فلا يجب تساوي المفردين في الصدق ، ولا في المفهوم ، ولأنه يستلزم كفر من قال : النبي محمد ، لاقتضائه إنكار نبوة الأنبياء ، وكون قولنا : النبي لهذه الأمة محمد ، تكرارا.
نعم إفادة ذلك الحصر أكثري ، لا كلي ، للفرق الظاهر عرفا بين قولك : صديقي زيد ، وبين قولك : زيد صديقي ، فإن الأول يظهر منه حصر الصداقة فيه دون الثاني كما سلف.
__________________
(١) الإحكام للآمدي ٣ : ١٤١.