يجامع تذكيته ؛ وكذلك ترجيح أحد الأصلين من غير مرجّح.
ولا ريب أن مراعاة جانب الاحتياط أولى ، إن لم ينحصر الماء الواجب استعماله فيه ، بأن يضيق وقت العبادة المشروطة بالطهارة ، ولا يجد غير ذلك الماء ، ونحو ذلك.
وربما قيل : إنّ العمل بالأصلين المتنافيين واقع في بعض المسائل ، كما لو ادّعت الزوجة وقوع العقد في الإحرام ، فإنه يحلف ، وليس لها حينئذ المطالبة بالنفقة ، ولا له التزويج بأختها. والفرق بينه وبين ما هنا لا يصح.
ومنها : إذا وقع في الماء القليل روثة ، وشك هل هي من مأكول اللحم ، أو غيره ؛ أو مات فيه حيوان ، وشك هل هو ذو نفس أم لا. وفيه وجهان :
أحدهما : أنه نجس ، لأن الأصل في الأرواث والميتات النجاسة ، ومتى حكم بطهارة شيء منها فهو رخصة في أمور مخصوصة ، والأصل عدم كونه منها ؛ بخلاف ما يوجب النجاسة ، فإنه غير منحصر.
والثاني : أنه طاهر ، لأن الأصل في الماء الطهارة ، فلا يزال عنها بالشك.
وقد منع بعضهم أن الأصل في الأرواث النجاسة ، لأن ما روثه طاهر من الحيوان غير منحصر أيضا ، فإذا تعارضا بقي الماء على أصل الطهارة.
والّذي تقتضيه أصولنا أنّ المحلّل من الحيوان غير الطير منحصر ، والمحرّم غير منحصر ؛ وفي الطير غير منحصر فيهما ، لأن ضابط المحلّل والمحرّم منه ما اشتمل على أحد الأوصاف الثلاثة التي هي : القانصة ، والحوصلة ، والصيصية ، وعدمه. فإن احتمل كون الروثة من طائر فالثاني أقوى ، وإلا فالأوّل.
ومنها : إذا وقع الذباب على نجاسة رطبة ، ثم سقط بالقرب على ثوب ، وشك في جفاف النجاسة ففيه وجهان ، أحدهما : ينجس ، لأن الأصل بقاء الرطوبة. والثاني : لا ، لأن الأصل طهارة الثوب. ويمكن أن يدفع الأصل الأول الثاني ، لأنه طارئ عليه ينافيه ، وهو الوجه.