والثاني : أنه طاهر ، لأن الأصل في الماء الطهارة.
ويضعّف بأن ملاقاة النجاسة رفعت هذا الأصل ، لأن ملاقاتها سبب في تنجيس ما تلاقيه مع اجتماع جميع المعدات لقبول التنجيس ، ومنها كونه لا يبلغ الكر ، وهو مشكوك فيه ، فينتفي بالأصل.
ولا يخفى أن الحكم بالنجاسة مطلقا لا يتم إلا مع عدم تعيّن الاستعمال ، وإلا وجب اعتباره ، لأنه إذا توقف استعمال الماء الطاهر على الاعتبار وجب ، ولم يجز التيمم بدونه ، ولا الصلاة بالنجاسة.
وإطلاقهم الحكم بنجاسته حينئذ محمول على تعذر اعتباره ، بوقوع ماء آخر فيه حصل به الجهل بقدر الماء الأول حين ملاقاة النجاسة له ، ونحوه.
هذا كله إذا أمكن الحكم بأصالة القلة ، فلو كان الماء كثيرا ثم نقص ، ولاقته النجاسة ، وشك في قدر الباقي منه ، فالأصل استصحاب الكثرة السابقة ، وعدم نقصان ما ينقصه عن الكر ، ووجوب الطهارة به ، فلا يعدل عنه إلى التيمم وما في معناه ؛ إلا مع تيقن عدمه ، كما لو كان كرا فوجد فيه نجاسة وشك في وقوعها قبل بلوغ الكرية أو بعده ، لوجود المقتضي للطهارة ، وهو بلوغ الكرية ، والشك في المانع ، وهو سبق النجاسة ، فينتفي بالأصل.
ومنها : مسألة الصيد الواقع في الماء القليل بعد رميه بما يمكن موته به ، واشتبه استناد الموت إلى الماء أو الجرح ، فإن الأصل طهارة الماء ، وتحريم الصيد ، حيث إنّ الأصل عدم حصول شرائط التذكية ؛ والأصلان متنافيان ، لأن طهارة الماء تقتضي عدم نجاسة الصيد ، المقتضي لعدم موته حتف أنفه ، وتحريمه يقتضي عدم ذكاته ، المقتضي لموته حتف أنفه ، فالعمل بهما مشكل.
فإنه كما يستحيل اجتماع الشيء مع نقيضه ، يستحيل اجتماعه مع نقيض لازمه ، وموت الصيد يستلزم نجاسة الماء ، فلا يجامع الحكم بطهارته ، كما لا