يقتضي استواء الأحوال في غرض المجيب ، فمن قال بالعموم لأجل ترك الاستفصال (١) التفت إلى هذا الوجه ، وهو أقرب إلى مقصود الإرشاد وإزالة الإشكال.
وفرّقوا بين ترك الاستفصال وقضايا الأحوال ، بأن الأول ما كان فيه لفظ وحكم من النبي صلىاللهعليهوآله ، بعد سؤال عن قضية يحتمل وقوعها على وجوه متعددة ، فيرسل الحكم من غير استفصال عن كيفية القضية ، كيف وقعت ، فإن جوابه يكون شاملا لتلك الوجوه ، إذ لو كان مختصا ببعضها والحكم يختلف لبيّنه النبي صلىاللهعليهوآله.
وأما قضايا الأعيان التي حكاها الصحابي ليس فيها سوى مجرّد فعله صلىاللهعليهوآله ، أو فعل الّذي يترتب الحكم عليه ، ويحتمل ذلك الفعل وقوعه على وجوه متعددة ، فلا عموم له في جميعها ، فيكفي حمله على صورة منها.
إذا تقرر ذلك ، فيتفرع على القاعدة فروع كثيرة في أدلة وردت بنحو هذه الألفاظ :
فمنها : وقائع من أسلم على أكثر من أربع ، وخيّره النبي صلىاللهعليهوآله ، كغيلان بن سلمة (٢) ، وقيس بن الحارث (٣) ، وعروة بن مسعود الثقفي (٤) ، ونوفل بن معاوية (٥).
ومنها : حديث فاطمة بنت خنيس : أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال لها وقد ذكرت أنها
__________________
(١) الفروق للقرافي ٢ : ٨٧ ، وشرح المحلى على جمع الجوامع ١ : ٤٢٦.
(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٦٢٨ حديث ١٩٥٣ ، سنن الترمذي ٢ : ٢٩٨ حديث ١١٣٨.
(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٦٢٨ حديث ١٩٥٢.
(٤) سنن البيهقي ٧ : ١٨٤ ، الموطأ ٢ : ٥٨٦ كتاب الطلاق حديث ٧٦.
(٥) المغني لابن قدامة ٧ : ٤٣٧.