أيضا ، وهو مذهب « سيبويه » وممن نقله عنه أبو حيّان في الكلام على حروف الجر (١) ونقله من الأصوليين إمام الحرمين في « البرهان » في الكلام على معاني الحروف (٢) ، لكنها ظاهرة في العموم ، لا نصّ فيه.
قال الجويني : ولهذا نصّ سيبويه على جواز مخالفته ، فيقول : ما فيها رجل بل رجلان ، كما يعدل عن الظاهر ، فيقول : جاء الرّجال إلا زيدا (٣).
وذهب المبرد إلى أنها ليست للعموم (٤) ، وتبعه عليه الجرجاني في أول « شرح الإيضاح » (٥) والزمخشري في تفسير قوله تعالى ( ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ ) وقوله ( ما تَأْتِيهِمْ مِنْ آيَةٍ ) (٦).
نعم ، يستثني مما ذكرناه : سلب الحكم عن العموم ، كقولنا : ما كل عدد زوجا ، فإن هذا ليس من باب عموم السلب ، أي ليس حكما بالسلب على كل فرد ، وإلا لم يكن في العدد زوج ، بل المقصود به إبطال قول من قال : إنّ كل عدد زوج ، فأبطل السامع ما ادعاه من العموم.
إذا تقرر ذلك فمن فروع القاعدة :
ما إذا قال المدعي : ليس لي بينة حاضرة ، فحلف المدعى عليه ، ثم جاء المدعي ببينة ، فإنها تسمع.
ولو قال : ليس لي بينة حاضرة ولا غائبة ، فوجهان ، أجودهما السماع ، لأنه قد لا يعرفها أو ينساها. وإن قال : لا بينة لي ، واقتصر ـ وهي مسألتنا ـ فالأقوى أنه كالقسم الثاني ، ففيه الوجهان.
ومنها : أنه قد تقرر أنّ اسم « لا » إذا كان مبنيا على الفتح ، كان نصا في
__________________
(١) كما في التمهيد : ٣١٩.
(٢) هذه الأقوال نقلها الأسنوي في التمهيد : ٣١٩.
(٣) هذه الأقوال نقلها الأسنوي في التمهيد : ٣١٩.
(٤) هذه الأقوال نقلها الأسنوي في التمهيد : ٣١٩.
(٥) هذه الأقوال نقلها الأسنوي في التمهيد : ٣١٩.
(٦) الكشاف ٢ : ١١٣.