ومع ذلك كله فانه لقائل أن يقول : يشم
من هذه الوصية ومن سابقتها عدم رغبة الإمام في تزويج بناته ، بل إن الواقع الخارجي
يصدق ذلك ، فلا الإمام الكاظم نفسه في زمان حياته زوج واحدة منهن ، ولا الإمام
الرضا ، بل كان هذا سائراً في بناتهم ، وقد أوقف الإمام الجواد (عليه السلام) عشر
قرى في المدينة أوقفها على أخواته وبناته اللاتي لم يتزوجن ، وكان يرسل نصيب
الرضائية
من منافع هذه القرى من المدينة إلى قم .
فيستوقفنا ـ هنا ـ سؤال وهو : ـ
رغب الشرع المقدس في الزواج المقدس في
الزواج وحث عليه ونفر من العزوبة وحذر منها ، وقد وردت في ذلك روايات كثيرة فكيف
أوصى الإمام الكاظم (عليه السلام) بعدم زواج بناته مع العلم أن الزواج سنة رسول
الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) ومن المستحبات الأكيدة؟
قد يجاب عن هذا السؤال بأحد الأوجه
التالية :
الوجه
الأول :
أنّ العزوبة وإن كانت مكروهة عند الشرع
المقدس ، لكنها قد ترجح في بعض الأزمنة.
فعن إبن مسعود قال : قال رسول الله (صلى
الله عليه وآله وسلّم ) : « ليأتين على الناس زمان لا يسلم لذي دينه إلا من يفر من
شاهق ، ومن جُحر إلى جُحر كالثلب بأشباله.
قالوا : ومتى ذلك الزمان؟
__________________