نيبور (١) في بداية القرن الثامن عشر (٢) كحصن ضد الفرس ولذا فإنها أحيطت بسور مزدوج وترابط فيها باستمرار حامية لا يستهان بها. وهكذا نرى أن الموقع الستراتيجي للقرنة قد جرى تقييمه منذ ذلك الوقت ذلك أنها تسيطر على وادي دجلة والفرات فتكوّن بذلك خطاً دفاعياً جديداً يضاف إلى دلتا شط العرب ولكنه يتميز عنها في أن جناحه لا تهدده أية محمرة كما هي الحالة بالنسبة لحصن الفاو.
لقد دمر طاعون ١٨٣١ المخيف وفيضان الفرات غير المعتاد بحيث ارتفع مستوى المياه في النهر في السنة نفسها بمقدار ٢٧ قدماً أكثر من مستواها الاعتيادي، كل المنطقة الواقعة بين البصرة وبغداد فتخربت القرنة تماماً بحيث لم يجد فيها (J. R. Wellsted) (٣) في عام ١٨٣٦ إلّا أكواخاً من القصب لا يزيد عددها عن ٣٠ ـ ٤٠ كوخاً يسكنها جميعاً أناس غرباء هم بالدرجة الأولى الموظفون الأتراك. ومنذ ذلك الوقت أخذت القرنة تعود بعض الشيء على حالتها الأولى إلى أن أصبح يسكنها حالياً ما بين ٢٠٠٠ و٣٠٠٠ نسمة كما قامت فيها إلى جانب أكواخ القصب أو الصرائف بنايات من الأجر يشغلها «القوناق» أي مكتب القائمقام ومحطة التلغراف ودائرة الكمارك وغيرها من المؤسسات العامة.
______________________
(١) Reisebes Chribung nach Arabien und undern umliegenden Iandern.
Kopenhagen. ١٧٧٨. T. II. S. ٢٤٨.
(٢) لقد ورد ذكر القرنة على لسان السواح في القرن السادس عشر، ويؤكد المؤلف نفسه بشكل غير مباشر بأن القرنة كانت موجودة قبل هذا التاريخ عندما يذكر في الصفحة القادمة بأن البرتغاليين فيها محطة تجارية في القرن السابع عشر ـ المترجم.
(٣) Teavels To The City of Caliphs. London. ١٨٤٠. Vol. l. pp. ١٥٦. ١٥٧.