ثلاث ساعات سيراً في الصحراء. لقد نشأت الزبير كما أشرنا إلى ذلك سابقاً على انقاض البصرة القديمة في بداية القرن الثامن عشر وهي مدينة بظهورها لوجود ضريحي الصحابيين طلحة والزبير هناك. وقد مات (١) الاثنان أثناء الصراع على السلطة مع على رابع الخلفاء الراشدين (٢)، ولا يمجد ذكراهما بعد أن انقسم المسلمون إلى سنة وشيعة إلا الفريق الأول أي السنة لأن أفراد الفريق الثاني لا يستطيعون، باعتبارهم انصار علي وآل بيته، أن يقفوا من طلحة والزبير إلا موقف العداء، وقد استمرت كراهية الشيعة لهذين الصحابيين السنيين قروناً طويلة، حتى أنه عندما حاصر نادر شاه البصرة في عام ١٧٤٣ قام جنوده الشيعة بهدم جميع المساجد القائمة في الزبير ولم يعد بناؤها إلّا بعد مرور وقت غير قصير على ذلك. وقد ظلت الزبير بسبب هذا الشقاق الديني حتى الوقت الحاضر بلدة سنية صرف يثابر الشيعة على تجنبها (٣).
ولا يقل عدد سكان الزبير في الوقت الحاضر عن ستة آلاف نسمة أغلبهم من الموسرين بسبب الكسب الكبير الذي يجنونه من تهريب البضائع. ويبدو كما لو أن موقع الزبير يشجع سكانها على هذا العمل فهي تقع على مجرى الفرات القديم جري زادة الصالح للملاحة لمدة ثمانية أشهر من السنة والذي تؤدي إلى مصبه قناتان تكونهما في البحر جزيرة
______________________
(١) للدقة يقال قتل الاثنان فالأول قتله مروان بن الحكم برميه سهم والثاني الذي كان ضمن جيشه قتله عمرو بن جرموز بضربة سيف وقد كان القاتل معتزلاً للحرب والمقتول منسحباً من ساحتها اعتزالاً ايضاً. حميد الدراجي.
(٢) أنظر تفصيلات هذا الصراع في الفصل السادس من هذا الكتاب.
(٣) K. Ritter. Op. cist T. VII, AbtII S. ١٠٤٦ FF.