تأجيراً طويل الأمد. ولم يصادف هذا التدبير آنذاك تعاطفاً كبيراً فالسكنى على شط العرب لم تكن آنذاك آمنة من القراصنة لذا فقد توقف السكن في مقام على في عهد الولاة الذين أعقبوا مدحت باشا مباشرة وعلى الأخص في عهد ناصر باشا المنتفكي (١) الذي عمد بعد أن وضع على رأس ولاية البصرة التي فصلت عن بغداد خصيصاً له على إعادة «القوناق» إلى البصرة وأصدر أمراً مشدداً لسكان البصرة يمنعهم فيه من السكن خارج حدود المدينة، غير أنه لم يمض إلا ما يزيد على ربع قرن بقليل حتى استطاعت مقام على التي بدا كما لو أنها هجرت خلال هذه المدة القصيرة نسبياً، أن تنمو وتصبح مدينة كاملة يقطنها ١٥ ألف نسمة. وهكذا حقق الزمن ما تنبأ به مدحت باشا بشأن المستقبل الذي ينتظر الضاحية المذكورة، حيث تتركز فيها الآن بفضل قربها من شط العرب كل حركة ميناء البصرة وقد استقر فيها لهذا السبب كل الأشخاص والمؤسسات الذين يرتبط نشاطهم بالميناء بشكل مباشر.
تقع في مقام على حالياً الترسانة البحرية وورشة تصليح محركات السفن والمدافع والأسحلة الملحقة بها، وكذلك إدارة الميناء ودائرة الكمارك ودائرة الحجر الصحي ومكتب الكومودور (٢) أو قائد الأسطول الحربي العثماني الصغير الحجيم، ومكاتب شركات الملاحة العثمانية والأجنبية وأخيراً ثكنات لأربع كتائب مشاة وكتيبة واحدة من جنود البحرية. وعلى الضفة اليسرى لقناة العشار عند مصبها (٣) في شط العرب
______________________
(١) يقصد المؤلف ناصر باشا السعدون ـ المترجم.
(٢) يسمى بالتركية قبودان ـ المترجم.
(٣) الصحيح عند تفرعها من شط العرب ـ المترجم.