وبالإضافة إلى الضيوف يجلب إلى المخيم الکثير من الانتعاش أيضاً قدوم بائع متجول حيث يقوم أثناء تجواله ببضائعه بين القبائل بجمع الأخبار المختلفة ونشرها في أنحاء الصحراء فيلعب بذلک دور الجريدة البدوية الواسعة الانتشار. و « المحدث » يعتبر هو الآخر زائراً مرغوباً فيه فهو يشد انتباه مستمعيه بقصائد رائعة ينشدها حول هذا البطل البدوي أو ذاک يختمها بمديح يرتجله بحق القبيلة المضيقة له وشيخها، أو أنه يثير إعجاب «إبناء الصحراء» بأنغام عربية فريدة في حزنها تؤثر ألحانها بشکل لا يمکن مقاومته حتى على الأوروبي.
وبعد أن بينا بوجه عام کيف يقضي البدوي وقته في أيام السلم سننتقل إلى وصف لحظات حياته المترعة بالخطر والحرمان والمليئة بالقلق والاضطراب التي تجعل من عربي الصحراء مقاتلاً شجاعاً صبوراً لا يعرف الخوف.
والواقع البدوي يعي وحشيته التي يولدها موطنه الموحش القاسي المفقر حتى أنه يتباهى بها. أنه على أية حال يفخر بأنه الوحيد الذي يستطيع العيش في الصحراء ويتوائم معها ولا يخافها. وبوعي تام بتفوقه في هذا المجال هو يعمد إلى إخافة الغرباء مصوراً الصحراء وسکانها أکثر رعباً وقبحاً وقساوة مما هم في الواقع. وتظهر في هذا التخويف خشية البدوي الخفية الدائمة من العدوان الأجنبي خشيته على حريته وعلى کل نمط حياته التي لم يستطع مرور آلاف السنين أن يغيره.
والبدو الذين يعيشون نمط حياة رعوي
يتنقلون في بحثهم عن العشب لماشيتهم، من مکان إلى آخر باستمرار. والبدو الرحل لا يتحرکون من أماکنهم طالما أن ماشيتهم تجد العشب ولا تشعر بالنقص في الماء ولکنک لا تجد بعد أن يرفع مخيم البدو لا عشباً ولا حتى شوکاً کما لو أن