وأمسكَ الكفُّ الآخرُ نواصيَ الأقلام ، ليذبَّ
عن المنهجِ الحقِّ ما أُلصقَ بهِ من شكوكٍ واتهاماتٍ ، وأُثيرت حوله من أوهامٍ وشبهات ؛ فشيَّدت هذهِ المدرسةُ من
خلالِ هذينِ المسارَينِ صرحاً عملياً فذّاً ، وتراثاً علمياً شامخاً ، انتهلته من معينِ
أبوابِ حكمةِ اللهِ ، وأُمناءِ وحيه ، وقرناءِ كتابه.
وليسَ بِدعاً أنْ تتعرضَ العقيدةُ
النقيَّةُ المبنيّةُ على المنطقِ السليمِ ، والحكمة الرصينة ، والحجّة البالغة ، إلى مثلِ هذه الهجماتِ من المتعصبينَ ، والمضللين ، والجهلاء ، فالمرءُ عدوُّ ما يجهل ، وليسَ أوحش للنفوسِ من ظلامِ الجهل ، والتحجُّر
، والإنغلاق.
وحسبُنا ما تعرضَ له أطهرُ إنسانٍ عرفته
البشرية ، وأقدسُ مخلوقٍ في هذا الوجود نبيُّ الإسلامِ محمد (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ)
؛ حيثُ اتهموه بالسِّحرِ ، والجنونِ ، وما كانَ منه إلّا أنْ دعاهم من خلالِ الحكمةِ ، والكلمةِ الطيبةِ ، والموعظةِ الحسنةِ ، إلى
أنْ سطعَ نورُه ، واستطال ضوؤه ، وتمَّت حجتُه ، (فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ
الْبَالِغَةُ).
فكلَّما كانَ نورُ الحقيقةِ ساطعاً
ومبهراً ، كلما كانَ في مقابله ظلامُ الجهلِ مدلهمّاً وحالكاً ، وكلما كانَ الفكرُ والمبدأُ نقياً صافياً ، كلما كانت الأوهامُ والشبهات
متنوعةً وشاملةً.
هذه هي معادلةُ الحياة ، وحركةُ الزمان
، وسُننُ التأريخ ، في الصراع المريرِ الدائم بينَ الحقِّ والباطل ، والتي تنتهي أبداً بظهور دين الله ، وتمام نوره ، وعلوِّ الحقِّ ، وزهوقِ الباطلِ ، (إِنَّ الْبَاطِلَ
كَانَ زَهُوقًا).
ولم يبتعد منهجُ أهلِ البيت عن هذا المسار قيدَ شعرةٍ ، بل كانَ
حظُّهم في هذا الجانب وفيراً ، فقد حاولَ البعضُ جهلاً ، والآخرونَ تعصباً ، من إثارةِ
غُبارِ