ثانياً
: السياسات الظالمة المنحرفة التي تقلَّدت الحكم الإسلامي
إنَّ هناك حقيقة ساطعة تطالعنا بادئ ذي
بدئ عند محاولة الإجابة على السؤال المطروح ضمن هذا الفصل : لماذا غابت أسماء (الخلفاء الإثني عشر) في (صحاح) (مدرسة الصَّحابة).. تلك الحقيقة تحسم لنا الأمر ، وتنطلق نحو الجذور ، لتضع
النقاط على الحروف ، وتزيل ما يمكن أن يعتري الموضوع من غموض وإبهام.
تتمثل تلك الحقيقة بأنَّ (الخلفاء
الإثني عشر) بأجمعهم قد ناهضوا الحكومات الجائرة ، وأمراء الضلال ، ووقفو بتحدٍّ وشموخ في وجوههم ، على مستوى التنظير والممارسة معاً.
فمن الناحية النظرية نرى أن هناك ثروة
كبيرة من الأحاديث التي خلفها لنا (الخلفاء الإثنا عشر) تندِّد بكل حكم يخرج عن حدود التشريع الإلهي ، أو ينصب العداء له ، ويعلن المنازلة معه ، وتبيّن تفاصيل هذه المواجهة ، ومعالمها ، وحدودها
، وشرائطها.
كما أن نرى في نفس الوقت أن السلوك
الإجتماعي لهؤلاء (الخلفاء الإثني عشر) كان يجسد هذا الأمر في منتهى الوضوح ، ويبرز هذه الأهداف في غاية الدقة ، وكان لعظيم العطاء وألوان التضحيات التي مر بها هؤلاء الخلفاء في سبيل إعلاء كلمة الله
، وإقامة شرائعه ، ودحض حكومات الضلال ، والجور ، والطغيان ، ببذل الغالي والنفيس الأثر الكبير في إرساء دعائم الدين ، وبقاء جذوته متألقة ومتجددة ، على مر الأزمنة
والعصور.
بينما نلاحظ في المقابل أنَّ أساس بناء (مدرسة
الصَّحابة) يقوم على مداهنة الحكّام والسلاطين ، والسمع والطاعة لكلّ إمام ، برّاً كان أو فاجراً ، وقد حشدت (الصحاح) وكتب الحديث المتبرة الأخرى بألوان الروايات التي تصبّ في هذا الإتجاه ، وتحاول تكريسه في ذهنية المسلمين ، وهو مما لا شكَّ فيه من صنيعة نفس هؤلاء الحكّام