وأخيراً فعلى الرّغم من جمال وجذّابية
عبارة (والله أعلم) ، وأنَّ من الممكن أن يستفاد منها تواضع الكاتب ، وإذعانه لما يعجز عن الظفر به من حقائق ، إلا أنّها قد
تكشف عن عدم إيمان القائل بما يقول في بعض الأحيان ، أو أنّه يعتقد بشيء آخر خلاف ما أثبته في كتاباته ، خشيةَ الإصطدام مع الثوابت والخلفيات التي يؤمن بها مسبقاً ، ونحن نظن أنّ وضع هذه اللفظة في هذا النصّ تقترب كثيراً إلى هذا التوجّه الذي نعتقد به بثقة ، من خلال القرائن العلمية التي إثبتناها ، والتي تحفّ بالمقام
، وتحاول توجيه الحقيقة نحو المسارات والسبل المتفرقة.
على أنّ ما هو المفترض في الخطابات
الشرعية والأحاديث النبوية أن تكون في مقام بيان تمام مقصوداتها الواقعية ، من خلال اللغة الواضحة التي لا تحتاج إلى
الكثير من البحث والعناء والإستقصاء.
ويبقى على المسلمين أن يقوموا برصد
الأحاديث الشرعية بدقة متناهية ، ومعرفة الحديث الواقعي من الحديث غير الواقعي منها ، ومن بعد ذلك ومن خلال تثبيت الأحاديث الواقعية ، والإتفاق على صدورها ، يجب تقديم الرأي العلمي الناضج ، والرؤية الواضحة لكلّ خصوصيات التشريع وتفاصيله المحددة ، وخصوصاً في القضايا المصيرية الحساسة ، كقضية (الخلافة الإسلامية) بعد النبي الخاتَم (صَلّى اللهُ عليهِ وآلِهِ وسَلَّمَ).
ولا يجوز بحال من الأحوال إعلان الإعياء
، والعجز من تفسير الأحاديث المقطوعة الصدور بهذه العفوية ، ومن خلال مقولة : (والله أعلم) ، بعد إيراد تأويلات في غاية
البعد عن النظر الشرعي والعقلي ، ومن دون النظر إلى بقية الخطابات الشرعية ، والجولة المتأنية فيها بروحٍ تحمل التطلع المعّمق لإدراك الحقيقة ، والسعى الحثيث نحو الظفر بها ، بكلّ جدّية وإخلاص.
وهذا الكلام لا يعنى بطبيعة الحال أنّنا
يجب أن نظفر بجميع الأحكام التفصيلية الواقعية لكل شؤون التشريع ، إذ هذا الأمر مما لا يقول به أحد ، مع عدم وجود مصدر التشريع وحضوره بشكل مباشر ، ولهذا تُبنى الكثير من الأحكام الشرعية على