٦ ـ كل منصف تعمق ـ بعد مطالعة البخاري ـ في سائر الصحاح يفهم بوضوح انّ البخاري ـ مع الغض عن نقله الحديث بالمعنى كما مر ـ يرى جواز الحذف والتغيير في متون الاحاديث بما يراه مناسباً ، وهذا امر خطير يسقط اعتبار الكتاب الى حد بعيد رغم اشتهاره واعتماد معظم اهل العلم عليه ، فمن باب المثال يمكن ان يرجع المحقّق الى روايات التيمم الواردة في بحث عمر وعمّار ( رض ) ، وروايات كتاب الاذان ، وقصة انكار عمر موت النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقصة منازعة العباس وعلي وما قال لهما عمر ، وامثال ذلك.
وانا ارجو من القراء الكرام ان لا يتبادروا الى الانكار والغضب ، بل ليرجعوا الى البخاري ثم الى سائر الصحاح وكتب الحديث حتى يقفوا على الحقيقة ، والحق احق ان يتبع ، نعم ليس سبيل التحقيق في الدين هو تحكيم طريقة الآباء أو اتباع المشهور ، اذ رب شهرة لا اصل لها ، والمسلم بحكم فطرته ودينه مكلّف باتباع الدليل والله يهدي من يشاء الى الصراط المستقيم ، واعلم اني لا اتعرّض لاحاديث البخاري وكذا غيره من الصحاح من ناحية السند إلاّ نادراً ولا اتعرّض لجميع الاحاديث ليكون الكتاب كالشرح للصحاح ، بل اتعرض لبعض الروايات (١).
بدء الوحي
(١) عن عائشة أُمّ المؤمنين انّها قالت : أول مابدىء به رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) النسخة الحاضرة عندي من البخاري هي المطبوعة بمساعدة دار ابن كثير واليمامة في دمشق وبيروت الطبعة الرابعة ( ١٤١٠ هـ ) بتحقيق وتعليق الدكتور مصطفى ديب البغا مدرس في كلية الشريعة ـ جامعة دمشق ، في ستة اجزاء. وحيث ان الدكتور المذكور ذكر لكل حديث رقماً مسلسلاً فأنا اذكر الرقم المذكور بعد نقل الرواية كلاً أو بعضاً.