والنبال ، وبسطوا إليك اكف الاصطلام
ولم يرعوا لك ذماما ، ولا راقبوا فيك آثاما ، في قتلهم أولياءك ، ونهبهم رحالك ، أنت مقدم في الهبوات (١) ، ومحتمل للأذيات ، وقد عجبت من صبرك ملائكة السماوات.
وأحدقوا بك من كل الجهات ، وأثخنوك (٢) بالجراح ، وحالوا بينك وبين الرواح ، ولم يبق لك ناصر ، وأنت محتسب صابر ، تذب عن نسوتك وأولادك.
حتى نكسوك عن جوادك ، فهويت إلى الأرض جريحا ، تطؤوك الخيول بحوافرها ، وتعلوك الطغاة ببواترها (٣) ، قد رشح (٤) للموت جبينك ، واختلفت بالانقباض والانبساط شمالك ويمينك ، تدير طرفا خفيا إلى رحلك وبيتك ، وقد شغلت بنفسك عن ولدك وأهلك ، وأسرع فرسك شاردا ، والى خيامك قاصدا ، محمحما (٥) باكيا.
فلما رأين النساء جوادك مخزيا ، ونظرن سرجك عليه ملويا ، برزن من الخدور ، ناشرات الشعور على الخدود ، لاطمات الوجوه ، سافرات (٦) ،
__________________
(١) الهبوة ج هبوات : العبرة.
(٢) ثخنته الجراح : أوهنته وأضعفته.
(٣) البائر ج بواتر : السيف القاطع.
(٤) رشح الجسد : عرق.
(٥) حمحم الفرس : ردد صوته.
(٦) سفر المرأة : كشفت عن وجهها.