وأنت في حرم جدك قاطن ، وللظالمين مباين ، جليس البيت والمحراب معتزل عن اللذات والشهوات ، تنكر المنكر بقلبك ولسانك ، على قدر طاقتك وامكانك.
ثم اقتضاك العلم للانكار ، ولزمك ان تجاهد الفجار ، فسرت في أولادك وأهاليك ، وشيعتك ومواليك ، وصدعت بالحق والبينة ، ودعوت إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، وأمرت بإقامة الحدود ، والطاعة للمعبود ، ونهيت عن الخبائث والطغيان ، وواجهوك بالظلم والعدوان.
فجاهدتهم بعد الايعاظ لهم ، وتأكيد الحجة عليهم ، فنكثوا ذمامك وبيعتك ، وأسخطوا ربك وجدك ، وبدؤوك بالحرب ، فثبت للطعن والضرب ، وطحنت (١) جنود الفجار ، واقتحمت قسطل (٢) الغبار ، مجالدا بذي الفقار ، كأنك على المختار.
فلما رأوك ثابت الجأش ، غير خائف ولا خاش ، نصبوا لك غوائل مكرهم ، وقاتلوك بكيدهم وشرهم ، وامر اللعين جنوده ، فمنعوك الماء ووروده ، وناجزوك (٣) القتال ، وعاجلوك النزال (٤) ، ورشقوك (٥) بالسهام
__________________
(١) طحى : هلك.
(٢) القسطل : الغبار الساطع في الحرب.
(٣) ناجزه : قاتله وبارزه.
(٤) تنازل القوم : نزلوا إلى ساحة القتال فتضاربوا.
(٥) رشقه بالسهم : رماه.