ولكنا نحسبه ذهب إلى أن يخرج من منزله ناويا للعمرة خالصة لا يخلطها بحج ولكن يخلص لها سفرا ثم يحرم متى ما شاء ، وقد روي عن أبي ذر مثل ذلك.
٣٥٢ ـ أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا أبو النضر (١) عن المسعودي عن عبد الرحمن بن الأسود (٢) عن أبيه (٣) قال : خرجنا عمّارا فلما انصرفنا مررنا بأبي ذر فقال : أحلقتم الشعر وقضيتم التفث (٤) أما إن العمرة من مدركم (٥) ، (٦).
قال أبو عبيد : قوله من مدركم هو المذهب الذي أراده ـ يعني عليا ـ أن ينشئ لها سفرا غير سفر الحج ، فالذي صار إليه القول في هذا الباب : أن العمرة في غير أشهر الحج (٧). بسفر يختص به إنما هو للفضيلة ، وأن المتعة والإقران مجزيان عن أهلهما عن تمام غير نقص إلا أنّ عليه الهدي ، فهذا ما جاءت به السنة وتكلمت فيه الأئمة من نسخ المناسك واختلاف وجهها ، فأما الكتاب فلا نعلمه نزل بنسخ شيء منها إلا ما كان من حج المشركين قبل حجة النبي ـ صلّى الله عليه ـ فإن التنزيل (٨) كان هو الناسخ له ثم فسرته السنة.
__________________
(١) هو هاشم بن القاسم بن مسلم الليثي ـ أبو النضر.
(٢) عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، ثقة ، من الثالثة ، مات سنة تسع وتسعين ومائة.
( التقريب ١ / ٤٧٣ ).
(٣) الأسود بن يزيد بن قيس النخعي ، أبو عمرو ، أو أبو عبد الرحمن ، مخضرم ثقة ، مكثر فقيه ، من الثانية ، مات سنة أربع أو خمس وسبعين.
( التقريب ١ / ٧٧ ).
(٤) قضاء التفث : هو ما يفعله المحرم بالحج إذا حلّ كقص الشارب والأظفار ونتف الإبط ، وحلق العانة.
وقيل هو إذهاب الشعث والدّرن والوسخ مطلقا.
( النهاية ١ / ١٩١ ).
(٥) من مدركم : أى من بلدكم ، ومدرة الرجل : بلدته.
( النهاية ٤ / ٣٠٩ ).
(٦) لم أتمكن من تخريجه.
(٧) قول أبي عبيد ابتداء من « فالذي صار إليه » إلى قوله « الحج » قد كتبه الناسخ في هامش المخطوط وأشار إليه. فأعدته إلى موضعه من النص.
(٨) قوله صلّى الله عليه « فإن التنزيل » ساقطة من النص وقد علقها الناسخ في هامش المخطوط فأعدتها إلى موضعها.