قال أبو عبيد : وقد روى بعضهم عن حذيفة حديثا شاذا (١) أنه تزوج مجوسية وهذا لا أصل له فيما نرى ولا يصدّق بمثله على أصحاب النبي ـ صلّى الله عليه ـ لأنه خلاف التنزيل وما عليه أهل الإسلام ، وإنما (٢) المعروف عن حذيفة نكاحه اليهودية ، فلعل المحدث أرادها فأوهم (٣). هذا ما في نكاح الحرام الذي نسخه الحلال فأما الذي اختلف الناس في نسخه فنكاح البغايا من المسلمات فإنما اختلفوا في ذلك لقوله تعالي : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلاَّ زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) (٤) فكانت الآية عند بعضهم منسوخة لا يعمل بها وعند آخرين محكمة معمولا بها.
١٧١ ـ أخبرنا علي قال : حدثنا أبو عبيد قال : حدثنا يحيى بن سعيد (٥) ويزيد بن هارون كلاهما عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن سعيد بن المسيب فى هذه الآية : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلاَّ زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ) قال : نسختها الآية التي بعدها قوله : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيامى مِنْكُمْ ) (٦) وقال : كان يقال : هن من أيامى (٧) المسلمين (٨).
__________________
(١) الشاذ : هو ما انفرد به الثقة مخالفا من هو أرجح منه لمزيد ضبط أو كثرة عدد أو غير ذلك من وجوه الترجيحات. التدريب ج ١ ص ٢٣٤ ، ٢٣٥ تحقيق عبد الوهاب عبد اللطيف.
(٢) في المخطوط مسح ذهبت معه بعض كلمة ( وإنما ) فلم يتضح منها سوى الواو والميم.
(٣) وقد ثبت بسند صحيح زواج حذيفة من يهودية بالمدائن.
انظر : الأثر ١٥٦ ، وتصحيح ابن كثير له.
وقال البيهقي في سننه بعد إيراده للأثر المصرح بأن زوجة حذيفة مجوسية فهذا غير ثابت ، والمحفوظ عن حذيفة أنه نكح يهودية والله أعلم. السنن الكبرى ج ٧ ، كتاب النكاح « باب ما جاء في تحريم حرائر أهل الشرك دون أهل الكتاب » ص ١٧٣.
(٤) سورة النور آية ٣.
(٥) هو يحيى بن سعيد القطان.
(٦) سورة النور آية ٣٢.
(٧) الأيّم فى الأصل التي لا زوج لها.
( النهاية ١ / ٨٥ ).
(٨) روى نحوه الشافعي : الأم ج ٥ ، كتاب النكاح « باب ما جاء في نكاح المحدثين وبما جاء