وطريق الحكم الشرعي لا يجب سؤال الأئمة (ع) عنه ولا كانوا يسألون عنه وهو واضح بل علمهم بجميع أفراده غير معلوم أو معلوم العدم لكونه من علم الغيب فلا يعلمه الا الله وان كانوا يعلمون منه ما يحتاجون اليه وإذا شاءوا أن يعلموا شيئا علموه.
ومنها : ان اجتناب الشبهة في نفس الحكم الشرعي أمر ممكن مقدور لأن أنواعه قليلة لكثرة الأنواع التي ورد النص بإباحتها والأنواع التي ورد النص بتحريمها وجميع الأنواع التي تعم بها البلوى منصوصة وكل ما كان في زمان الأئمة (ع) متداولا ولم يرد النهى عنه فتقريرهم فيه كاف.
واما الشبهة في طريق الحكم الشرعي فاجتنابها غير ممكن لما أشرنا إليه سابقا وعدم وجود الحلال البين فيها وتكليف ما لا يطاق باطل عقلا ونقلا ووجوب اجتناب كل ما زاد على قدر الضرورة حرج عظيم وعسر شديد وهو منفي لاستلزامه وجوب الاقتصار في اليوم والليلة على نعمة واحدة وترك جميع الانتفاعات الا ما استلزم تركه الهلاك ، والاعتذار بإمكان الحمل على الاستحباب لا يفيد شيئا لأن تكليف ما لا يطاق باطل بطريق الوجوب والاستحباب كما لو كان صعود الإنسان إلى السماء واجبا أو مستحبا فلان كلاهما محال من الحكيم
ومنها : انه قد ثبت وجوب اجتناب الحرام عقلا ونقلا ولا يتم الا باجتناب ما يحتمل التحريم مما اشتبه حكمه الشرعي ومن الإفراد التي ليست بظاهرة الفردية وما لا يتم الواجب الا به وكان مقدورا فهو واجب عندهم الى غير ذلك من الوجوه وأن أمكن المناقشة فيه في بعضها فمجموعها دليل تام كاف شاف في هذا المقام والله أعلم بحقائق الأحكام.
وأما حصر المطعومات والمشروبات فلا يفيد هنا لعدم صدق الوصفين على شرب التتن ، والتعبير عنه بالشرب مجاز قطعا كما في قوله تعالى ( وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ ) (١) وقولهم (ع) أبى الله لصاحب البدعة بالتوبة (٢) لأنه قد اشرب
__________________
(١) البقرة : ٩٣
(٢) الكافي ج ١ ص ٥٤