وقد ورد في الحديث ان تفكر ساعة خير من قيام ليلة.
وسئل الإمام عليهالسلام عن معنى هذا التفكر فقال ان يمر بالديار الخربة فيقول أين بانوك أين ساكنوك مالك لا تتكلمين (١) فالمراد من مكالمة العقل مجرد إظهار انقياده وطاعته لا نطقه بالجواب.
وثانيا : يحتمل ارادة المعنى المذكور في السؤال ويكون تعالى أراد النطق من العقل مع أقداره عليه فإنه لا يمتنع ان يكون الله سبحانه جعل فيه قوة للنطق والاقتدار على التعبير عما يريده من الاعتراف له.
وثالثا : يحتمل ان يراد بالنطق الفهم والإدراك فإنه أحد معانيه وكثيرا ما يستعمل فيه.
واعلم ان الوجه الأول والثاني متقاربان فان كلمه يتضمن معنى طلب منه النطق لان الكلام يستلزم طلب الجواب غالبا والوجه الثاني قريب باعتبار كمال قدرته تعالى على مثل ذلك وما هو أعظم منه ومن أنكر ذلك فقد أنكر قدرته تعالى ولا يخفى ان النطق لا يتوقف على وجود الجوارح من اللسان ونحوه باعتبار كمال القدرة وان توقف على ذلك في بنى آدم لا يلزم توقفه عليه في المجردات لو سلم تجرد العقل ح فان لها حكما آخر ومما يقرب ذلك.
قوله ( أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ ) (٢) ( قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ ) (٣) ( وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ) (٤).
ورابعا : يحتمل ان يريد بالنطق المجازي أعني الإخبار بلسان الحال والدلالة على المقصود بأي وجه كان اى طلب تعالى من العقل ان يكون دليلا لعباده على وحدانيته ومخبرا لهم بربوبيته بالتفكر فيه أو به
__________________
(١) كا ـ ج ٢ ص ٥٤ ح ٢
(٢) فصلت ٢١ ـ ١١
(٣) فصلت ٢١ ـ ١١
(٤) الاسراء ـ ٤٤