نغسه بمنزلة السجن كما ان المحبوس لا يريد تناول ما زاد على أقل الكفاية كسد الرمق ، وفكره مصروف إلى أسباب الخروج وهذا في بقية الحديث لا يخلو من بعد ويمكن توجيهه بان الكافر ما دام كافرا غير مأمور بهذا المندوب قبل الإسلام وان كان مأمورا بالأمرين معا إذ لا يقبل منه ولا ينفعه ان لم يسلم كسائر عباداته بل يمكن كون أمر الكافر بالتنعم في الدنيا على وجه التهديد كقوله تعالى ( اعْمَلُوا ما شِئْتُمْ إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ) (١) فأمر المؤمن حقيقي وأمر الكافر مجازي.
وتاسعها : ان يكون وجه الشبه ان المؤمن لا يعمل في الأحكام الشرعية إلا بقول أهل البيت عليهمالسلام كما قال عليهالسلام مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجى ومن تخلف عنها غرق (٢) فهو كالمحبوس والكافر يعمل بالهوى والرأي والظن والاجتهاد والتقليد والمقاييس وجميع الاستنباطات الظنية والتصرفات العقلية فمجاله واسع بمنزلة من كان في الجنة في اتساع المجال وليس كالمحبوس المضيق عليه.
وعاشرها : أن يكون وجه الشبه ان الدنيا تمنع المؤمن من العلم والعبادة الذين هما وسيلة إلى دخول الجنة لأنه إذا مال إليها واشتغل بها فاته ذلك فهي كالحبس المانع للمحبوس عن مهماته ومطالبه بخلاف الكافر إذ ليس ذلك من مطالبه بل أهم لمن عنده قضاء اللذات والشهوات فالدنيا جنة له لا تمنعه من مطالبه بل تعينه عليها.
وحاديعشرها : ان المؤمن يعد الدنيا على نفسه سجنا فلا يرغب فيها ولا يحبها ولا يميل الى عمارتها بل هو محتقر لها بخلاف الكافر.
وثاني عشرها : ان يكون مجموع الوجوه المذكورة وجه الشبه أو ما يمكن اجتماعه منها.
ولا يخفى ان بعض الوجوه السابقة غير شامل لجميع أفراد المؤمن والكافر لكن هذا من المقامات الخطابية لا الاستدلالية فيكفي فيه ما ذكر بل
__________________
(١) فصلت ـ ٤٠.
(٢) إثبات الهداة ج ١ ص ٤٩٩ سفينة البحار ج ١ ص ٦٣٠.