من العلماء الى عدم وجوده ، والكتاب والسنة دالان على ذلك ولتحقيقه محل آخر سلمنا لكن الأقسام الباقية لا تعد ولا تحصى وقد حكى الله سبحانه عن عباد الأصنام انهم قالوا ( ما نَعْبُدُهُمْ إِلّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى ) وقالوا ( هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ ) فكيف تتعذر نية القربة في مطلق الكافر.
وهذا الاعتراض ما زال يخطر ببالي في هذا المقام ثم رأيت بعض المحققين من المتأخرين تفطن له في موضع مع أنه بعينه غفل عنه في مواضع كثيرة.
ومنها : استدلالهم في عدة مواضع بقوله تعالى ( وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ ) (١)
وقوله تعالى : ( وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً ) (٢) الى غير ذلك من الآيات التي استدلوا بعمومها على إفرادها مع ان ألفاظ العموم واقعة فيها في سياق النفي فتفيد نفى العموم لا عموم النفي كما صرح به العلامة في المبادي وغيره وصرح به جماعة من علماء المعاني والاستقراء دال عليه ألا ترى ان النكرة في سياق النفي دالة على العموم دون النفي نقيض الإثبات كما صرحوا به.
ومن أمثلة ذلك : الدعاء المأثور يا من يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره ، فان لفظ العموم في الإثبات أفاد العموم لا في النفي والا لزم الجبر ونحو أخذت كل الدراهم ولم آخذ كل الدراهم الى غير ذلك وان كانت مستعملة في النفي بعموم النفي كقوله تعالى ( وَاللهُ لا يُحِبُّ الظّالِمِينَ ) (٣) ونحو ذلك بقرينة أخرى ودليل آخر والا فالاستقراء ونص علماء العربية دال على ما قلناه.
ومنها : الاستدلال بالعرف والعادة فقد استدلوا بذلك على كثير من الأحكام مع ان ذلك أمر غير مضبوط وفي الغالب يكون مخصوصا بعرف بلد المصنف وما قال بها فكيف يكون حجة على جميع أهل الدنيا وقد يتغير عرف بلد ذلك المصنف في وقت آخر فينبغي عدم الغفلة عن مثل ذلك.
وأمثال هذه الاستدلالات كثيرة جدا اكتفينا بهذا القدر ليكون ما ذكر دليلا
__________________
(١) محمد ٣٣
(٢) النساء ١٤١
(٣) آل عمران ٥٧